الساعات الطويلة التي لا تكفيهم سد حاجتهم فضلا عن أن يرسلوا لمن وراءهم من أهليهم.
كل هذه الظروف اضطرت النساء والأطفال القابعين في الأرياف إلى الزحف على المدن بحثًا عن لقمة العيش بأي وسيلة وأي ثمن، ومرة أخرى تلقفهم الأغنياء ليدفعوا بهم إلى أتون المصانع بأقل من ربع أجر الرجل في بعض الأحيان، وقد ساعدت هذه الظروف على رواج تجارة البغاء، وكان لذلك أسباب، تجمل في الآتي:
١ - العوز والفقر الشديد الذي حل بالأسر القادمة من الريف، إذ أصبحت دون عائل.
٢ - بقاء الملايين من العمال دون زوجات، ولا بد من الاستجابة لنداء الغريزة الجنسية، فإن لم يكن بالزواج فالبغاء.
٣ - وجود السماسرة المستفيدين من هذه التجارة الرابحة بالنسبة لهم.
ومنذ خروج المرأة من بيتها في أوروبا، وهي تدور في الدوامة الرهيبة، تلهث وراء لقمة العيش، وتحتذب الجميلات منهن لتجارة الرقيق الأبيض الذي يعتبر من أكثر المهن تنظيمًا، يقول عضو البرلمان الفرنسي:«إن حرفة البغاء لم تعد الآن عملًا شخصيًّا، بل لقد أصبحت تجارة واسعة، وحرفة منظمة، بفضل ما تحلب وكالاتها من الأرباح»(١).
«وكان من نتائج النظام الرأسمالي أن أصبحت المرأة كلًا على زوجها، وأصبح الولد عبئًا على أبيه، وتعذر على كل فرد أن يقيم أود نفسه فضلًا عن أن يعول غيره من المتعلقين به. وقضت الأحوال الاقتصادية أن يكون كل واحد من أفراد المجتمع عاملًا مكتسبًا، فاضطرت جميع طبقات النساء من الأبكار والأيامي أن يخرجن من
(١) ينظر: عمل المرأة في الميزان للدكتور: محمد البار (١١٣).