للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يقول أبو السعود: «وقوله تعالى: {وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} إبراء منهم للعذر إليه -عليه السلام- في توليهما للسقي بأنفسهما، كأنهما قالتا: إننا امرأتان ضعيفتان مستورتان لا نقدر على مساجلة الرجال، ومزاحمتهم، وما لنا رجل يقوم بذلك، وأبونا شيخ كبير السن قد أضعفه الكبر، فلا بد لنا من تأخير السقي إلى أن يقضي الناس أوطارهم من الماء» (١).

٤ - قوله عز وجل: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (١١٦) فَقُلْنَا يَاآدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (١١٧) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (١١٨) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى} (٢).

فالله تبارك وتعالى حذر آدم عليه السلام من أن يستمع لإبليس؛ لأنه عدو له ولزوجه، ونبهه إلى أن الشيطان سيسعى لإخراجهما من الجنة، ثم يحذر الرحمن عبده -أيضًا- من أنه إذا أخرج من الجنة فإنه يشقى، والخطاب هنا في النص القرآني ينصرف إلى آدم وحده، وفي إفراد الخطاب إليه في قوله تعالى: {فَتَشْقَى} بعد التثنية فيما تقدم من قوله تعالى: {عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ} وفي قوله: {فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا} في هذا الإفراد بعد التثنية معنى واضح ذكره المفسرون وعلماء الشريعة يتلخص في أن آدم (ومن ثم الرجل دون المرأة) هو الذي يشقى في سبيل تدبير معاش الأسرة (٣).


(١) تفسير أبي السعود (٧/ ٨).
(٢) طه: (١١٦ - ١١٩).
(٣) من محاضرة للدكتور (عيسى عبده إبراهيم) بعنوان القرآن والدراسات الاقتصادية ألقيت في عام ١٣٨٠ هـ. نقلًا عن قضايا المرأة في المؤتمرات الدولية (٧٧٦).

<<  <   >  >>