للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخرج البخاري (١)، ومسلم (٢) من حديث أبي هريرة عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «قال سليمان بن داود -عليهما السلام- لأطوفن الليلة على مائة امرأة -أو تسع وتسعين- كلهن يأتين بفارس يجاهد في سبيل الله. فقال له صاحبه: قل: إن شاء الله. فلم يقل إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده لو قال: إن شاء الله. لجاهدوا في سبيل الله فرسانًا أجمعون» واللفظ للبخاري.

وقد يرى البعض أن الشريعة المسيحية بعيدة تمامًا عن تعدد الزوجات، لكن الحقيقة أنه لا يوجد نص واحد في النصرانية يمنع التعدد (٣). يقول الدكتور محمد بتاجي: «ومن المقطوع به -بعد ما عرضنا له في الصفحات السابقة- أن الذين شرعوا للطوائف المسيحية منع تعدد الزوجات لم يكونوا من الأنبياء الموحى إليهم، إنما كانوا بشرًا ذوي سلطات، ووظائف كنسية، ولا تزيد تشريعاتهم في نهاية الأمر عن أن تكون اجتهادًا بشريًّا لا يتصف بصفات العصمة عن الخطأ والقداسة والإلزام، ومن ثم يمكن تغييره باجتهاد آخر، إذا رأى من لهم السلطة الكنسية أنه يتضمن قدرًا أكبر من مصلحة الناس» (٤).

إذن فأمر تعدد الزوجات ليس مقصورًا على الشريعة الإسلامية، بل هو في شرائع سابقة له، لا لشيء إلا لأن إباحة تعدد الزوجات هو الأمر الذي يتفق مع الفطرة الصحيحة، ويتناسب مع جبلة الإنسان وطبيعته، ويراعي مصالحه وحاجاته.


(١) كتاب الجهاد، باب: من طلب الولد للجهاد (٣/ ١٠٣٨) ٢٦٦٤.
(٢) كتاب الإيمان، باب: الاستثناء (٣/ ١٢٧٥) ١٦٥٤.
(٣) ينظر: تعدد الزوجات في التاريخ والشرائع السماوية لعادل أحمد (٨٠).
(٤) مكانة المرأة في القرآن الكريم والسنة الصحيحة (١٦٢).

<<  <   >  >>