ولم يناد بمساواتها؛ لأن كل مساواة ليست بعدل؛ إذا قضت بمساواة الناس في الحقوق على تفاوت واجباتهم، وكفاياتهم، وأعمالهم، وإنما هي كل الظلم للراجح والمرجوح.
وليس من العدل أو المصلحة أن يتساوى الرجال والنساء في جميع الاعتبارات، مع التفاوت بينهم في الحقوق والواجبات.
وهكذا يجد كل صاحب بصيرة وعاقل منصف متجرد من اتباع الهوى المعمي للبصيرة أن هناك فروقًا بين النوعين الذكر والأنثى، بعضها جذري يتعلق بأصل الخلقة، وبعضها مشتق من ركائز الفطرة، وبعضها مكتسب من طريق النشأة، وما مثل من يدعو إلى المساواة بين النوعين مساواة تامة إلا:{كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}(١) صم عن سماع الحق، بكم لا يتفوهون به، عمي عن رؤية مسلكه.
لا بد أن تعي كل مسلمة أن دعاوى تحرير المرأة قامت في مجتمعات غربية لا تقيم لها وزنًا، ولا ترفع لها قدرًا، وكعادة كل دعوة خلت من التأصيل، وأسست بنيانها على شفا جرف هار، ننتظر -إن شاء الله- أن ينهار، وقام بإشعال فتيلها، وإذكاء نارها أناس همهم إشباع شهواتهم، وتضخيم أرصدتهم، وكانت النتيجة على تلك الموعودة بالتحرير، والمغررة بالمساواة أن باتت جسدًا بلا روح، وكيانًا متحررًا من مشاعر الفطرة، وانطلقت بلا تعقل ولا تفكر إلى مسالك أوردها المهالك، وصارت سلعة تباع وتشترى، وورقة رابحة لعبدة الدولار والدينار، وتُوجِرَ