بأنوثتها باسم التقدم، وكشفت عورتها أمام المصورين باسم التمدن، وسلب اسم أبيها وأضيفت إلى اسم زوجها باسم الحرية.
وانتقلت هذه الدعوة -زعموا- حرية المرأة إلى البلاد الإسلامية وبخاصة العربية على أيدي المستشرقين العرب الذين تأثروا بالغرب، وعاشوا فيه، ورجع الدعاة إلى أبواب جهنم إلى مجتمعاتهم بلسان عربي ينطق فكرًا غربيًّا، ينادي بإخراج المرأة، وتغيير نمط الحياة السائد في المجتمع الذكوري، وأن تخرج حين تريد، وتعود كيفما تريد، وتخالط الرجال على كل صعيد، وجاءت دعوة «الحرية» مغلفة مضبة من ورائها دوافع خطيرة أهمها الدعوة إلى تحطيم الأسر، وتدمير الأخلاق، والقيم الإنسانية، وإشاعة الفاحشة في الذين آمنوا في محاولة من أتباعها للقضاء على الإسلام، والذين تبنوا الدعوة إلى هذه الحرية -زعموا- يعانون من مشكلة في التركيبة الفكرية، وغبش في الرؤية الثقافية في أقل الحالات، ومشكلة هذه الثقافة أنها بحكم الشد الذي يتنازعها بين الأصالة والمعاصرة أصاب فكر أصحابها شرخ حاد، وشاء الله أن يمتحن قلوب أمة الإسلام عامة بمثل أولئك الذين ثاروا على التراث -كذا زعموا- وإنما هو الإسلام وتعاليمه باسم التقدمية -أعني الغربية- ووجهوا خطابهم إلى المرأة للتحرر، ولاقت هذه الدعوة أرضًا في بلاد الإسلام حين ضعفت صلة المسلمين بكتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، وبدأت المؤثرات البيئية، والتقاليد الاجتماعية والأعراف الجاهلية تزاحم الأصول الشرعية، وتشوه معالم الدين، وصودرت كثير من الحريات باسم الهوى لا بأمر الله، ونالت المرأة النصيب الأوفر منها، وضيق عليها الخناق حتي سلبت حقوقها الشرعية فصار دعاة المرأة بين موقفي الإفراط والتفريط، والغلو والتقصير، والمهاجم والمدافع.
في حين أن الإسلام جعل للمرأة قضية ثابتة، لها حقوقها وعليها واجباتها،