ولا تتقاضى حقًا، ولا تتلقى واجبًا من مخالب الفتنة الجامحة، ولا من براثن المصنع الشحيح؛ وإنما هي صاحبة هذه الحقوق والواجبات لأنها من خلق الله، على قسطاس المساواة العادلة بين الحقوق والواجبات على سنة التقسيم والتعاون لا على سنة الشقاق والتناضل بالمطالب والحقوق.
نعم لا جدال في الوظيفة المثلى التي تستقل بها المرأة، وهي حماية البيت في ظل السكينة الزوجية من جهاد الحياة، وحضانة الجيل المقبل لإعداده بالتربية الصالحة لذلك الجهاد، وليست هذه الحصة بأصغر الحصتين: ليس تدبير السكينة في الحياة بأهون من تدبير الجهاد، وليس العمل الصالح لسياسة الغد بأهون من العمل الصالح لسياسة اليوم.
ولربما ضَلَّ بعضُ القوم الطريقَ فركب كل من الجنسين رأسه في اللجاجة والشحناء: حقي وحقك، وكفايتي وكفايتك، وسلاحي وسلاحك، وانتصاري وهزيمتك، على النحو الذي سبقنا إليه الغرب القديم والحديث غير محسود على سبقه.
ولكن الأمر الذي نحن منه على أتم يقين أن من سلك هذا الطريق فقد ضل، وسيرد طائعًا أو كارهًا إلى سوائه، بعد أن ذاق وبال خطئه، وأوغل مجتمعه في ضلالته (١).
وبما أني امرأة أعيش في أوساط النساء، وأتنفس مشكلاتهن، وأعي حاجاتهن، وليس راء كمن سمع، أُدرك قضيتين رئيسيتين:
أولهما: جهل المرأة بحقوقها الشرعية التي منحها الإسلام إيّاها، أو معرفتها
(١) ينظر: المرأة في القرآن للأستاذ: عباس محمود العقاد (١٣٥).