عن الشيخ سلطان المزاحي والنور على الشبراملسي والإمام شمس الدين محمد البابلي والشهاب أحمد القليوبي وغيرهم ثم رجع إلى دمشق وهو فضل ولزم الإفادة والتدريس وانتفع به كثير من أبناء عصره وكان لا يمل ولا يفتر من المذاكرة والاشتغال وكتب الكثير بخطه الحسن المضبوط وكان خطه حلو الأسلوب متناسبا قال تلميذه المحبي في تاريخه وكان مع كثرة امتزاجه بالأدب وأربابه مائل الطبع إلى نظم الشعر إلا أنه لم يتفق له نظم شيء فيما علمته منه ثم أخبرني بعض الإخوان أنه ذكر له أنه رأى في المنام كأنه ينشد هذين البيتين قال وأظن أنهما له وهما:
كنت في لجة المعاصي غريقًا … لم تصلني يد تروم خلاصي
أنقذتني يد العناية منها … بعد ظني أن لات حين مناص
وكنت في عنفوان عمري تلمذت له وأخذت عنه وكنت أرى لقيه فائدة اكتسبها وجملة فخر لا أتعداها فلزمته حتى قرأت عليه الصرف والحساب وكان يتحفني بفوائد جليلة ويلقيها على وحباني الدهر مدة بمجالسته فلم يزل يتردد إليَّ تردد الآسي إلى المريض حتى قدر الله تعالى لي الرحلة عن وطني إلى ديار الروم وطالت مدة غيبتي وأنا أشوق إليه من كل شيق حتى ورد عليَّ خبر موته وأنا بها فتجددت لوعتي أسفا على ماضي عهوده وحزنا على فقد فضائله وآدابه وكان قد حج فمات بمكة المشرفة وكانت وفاته سادس عشر ذي الحجة الحرام سنة تسع وثمانين وألف ودفن بالمعلا وكان عمره ثمانا وخمسين سنة انتهى كلام المحبي وأخذ عن صاحب الترجمة الشيخ عثمان بن أحمد بن عثمان النجدي والمؤرخ الشيخ مصطفى بن فتح الله الحموي المكي رحمه الله.
* الشيخ شهاب الدين أحمد الكرمي
أحمد بن يحيى بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد الكرمي ثم المقدسي الشيخ الفاضل العالم النبيل الفقيه شهاب الدين أبو العباس قال المحبي في ترجمته كان من العلماء العاملين والأولياء الزاهدين ولد ببيت المقدس في سنة ألف من الهجرة وقرأ القرآن بطور كرم وأخذ الطريق عن