الشيخ محمد - رحمه الله تعالى - عام ١١١٥ هـ في العيينة ونشأ فيها وشرع في طلب العلم على والده حتى أدرك قسطًا وافرًا من العلم. ثم استأذن والده في الحج فسافر إلى مكة وأدى فريضة الحج وقصد المدينة وأقام فيها نحو شهرين ثم عاد إلى العيينة فتزوج واستمر في طلب العلم على والده وعلى غيره من علماء العيينة.
[حالة نجد الاعتقادية في ذلك الزمن]
نحب أن نمضي في سيرة الشيخ حتى النهاية ولكن هنا يحسن توضيح أحوال نجد العلمية والاعتقادية فإن هذه الفترة من حياة الشيخ هي نقطة التحول من حال إلى حال أخرى، فنقول: يوجد في بلدان نجد فقهاء وعلماء في ذلك - الزمن وقبله بقرون متطاولة إلا أن جل اهتمامهم بالفقه والمسائل الفرعية فهم مقتصرون على بحث مسائل الفقه وتحريرها وتحقيقها وحفظ متونها واستيعاب شروحها وحواشيها. أما العلوم الشرعية الأخرى فنصيبهم فيها قليل، فليس هناك عناية بالتوحيد وتحقيقه ولا بالتفسير ولا بالحديث وشروحه بل حتى المعلوم العربية لا يهتمون بها إلا بما يقيم اللسان. وهم لذلك لا ينكرون على العامة ما هم واقعون فيه من تعظيم القبور والغلو في الصالحين والنذر لغير الله والحلف بغير الله والاعتقاد في بعض المسميات. ويرى هؤلاء العلماء جواز التوسل بذوات الصالحين كما يجيزون شد الرحال إلى القبور، فعند علماء نجد وعند عامتهم ما عند علماء الأمصار وما عند عامتهم من هذه الأمور البدعية الشركية.
[سفر الشيخ]
سافر الشيخ محمد من نجد - وهي في هذه الحال وأهلها على هذا الاعتقاد - سافر إلى مكة المكرمة للحج وللتزود من العلم، فلما أكمل حجة شرع في طلب العلم في مكة المكرمة، فأخذ يتردد على علمائها ويباحثهم حتى استفاد منهم وفي هذه الفترة وجد في مكة المكرمة العلامة الكبير والمحدث الشهير الشيخ عبد الله بن سالم البصري صاحب كتاب - الإمداد في علو الإسناد - وليس لدى ما يثبت قراءة الشيخ محمد عليه. وإنما الزمن واحد. ثم توجه الشيخ محمد إلى المدينة النبوية فوجد فيها عالمين سلفيين أحدهما الشيخ المحدث محمد حياة السندي فقرأ عليه