فأحسن إلى وتفضل علي وأفادني العلم وعاملني بالحلم ومكثت بالديار المصرية نحو عشر سنين إلى أن سافرت منها في سنة ٨٨٩ وأنا مشمول منه بالصلات ومتصل من فضله بالحسنات ولما عزمت عَلَى السفر حضرت بين يديه واستأذنته فتألم لذلك وشق عليه وكنت أرجو الاجتماع به والابتهاج بمشاهدته فلم يقدر لي ذلك فجزاه الله عني خيرًا - انتهى وقفت له من المؤلفات على تفسير جليل على القرآن العظيم يشبه تفسير القاضي البيضاوي والتاريخ الحافل الذي سماه الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل الحاوي لكل فائدة وغريبة ولتراجم أعيان البلدين وله الطبقات المشهورة التي سماها المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإِمام أحمد والتي لم يسمح الزمان بمثالها ولم ينسج ناسج على منوالها وله تاريخ جليل ابتدأ فيه من سيدنا آدم إلى سنة ست وتسعين وثمانمائة مرتبًا على السنين ذاكرًا فيه الحوادث العجيبة والوقائع الغريبة على وجه الاختصار وله غير ذلك من التآلف والفوائد وكلها عليها الرونق والبهجة لحسن إخلاصه ومزيد اختصاصه وولي القضاء بالقدس الشريف ونظر الأحكام الشرعية بها ولم أقف على تاريخ وفاته ولعله كان في أوائل هذا القرن العاشر رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.
* القاضي شهاب الدين بن المنجا التنوخي
أحمد بن أسعد بن علي بن محمد بن محمد بن منجا بن أسعد القاضي شهاب الدين أبو العباس ابن القاضي وجيه الدين ابن قاضي القضاة علاء الدين ابن القاضي صلاح الدين ابن القاضي شرف الدين ابن الشيخ زين الدين ابن القاضي وجيه الدين التنوخي الصالحي الدمشقي الشيخ الإِمام العالم الفاضل التحرير الهمام ولد في سابع عشري صفر سنة سبع وعشرين وثمانمائة وحفظ القرآن العظيم واشتغل بالعلم ثم غلب عليه التصوف ثم عاد فقيهًا وولي نيابة الحكم للقاضي برهان الدين بن مفلح وغيره ثم غلب عليه جانب التصوف وبنى في منزله بحارة الفواخير لسبق التربة العادلية من سفح قاسيون رواقًا بمحراب وكان له النظم الحسن الرفيق وله كتاب العقيدة نظمًا في نحو سبعمائة بيت على طريقة السلف وقد أنكر عليه في بعضها الشيخ العلامة عبد