ولم يزل الشيخ على عادته الأولى في الوعظ ونشر العلم وكتابته إلى أن مات قال سبطه أبو المظفر جلس جدي يوم السبت سابع شهر رمضان وكنت حاضرًا فأنشدنا أبياتًا قطع عليها المجلس أولها.
الله أسأل ان يطول مدتي … وأنال بالأنعام ما في منيتي
ثم نزل من المنبر فمرض خمسة أيام وتوفي ليلة الجمعة بين العشائين ثالث عشر رمضان سنة سبع وتسعين وخمسمائة في داره واجتمع أهل بغداد وغلقت الأسواق وقد غسل وقت السحر وشد تابوته بالحبال وحمل إلى تربة أم الخليفة مكان جلوسه فصلى عليه ابنه أبو القاسم علي ثم ذهبوا به إلى جامع المنصور فصلوا عليه وكان يومًا مشهودًا ودفن عند قبر الإِمام أحمد وحزن الناس عليه حزنًا شديدًا وباتوا عند قبره يختمون الختمات بالقناديل والشموع ورؤيت له المنامات الصالحة وأنشد القادر العلوي قصيدة مطلعها:
الدهر من شر يغر ويخدع … وزخارف الدنيا تميل وتطمع
وأوصى أن يكتب على قبره:
يا كثير الصفح عمن … كثر الذنب لديه
جاءك المذنب يرجو … الصفح عن جرم يديه
أنا ضيف وجزاء … الضيف إحسان إليه
وكان له من الذكور ثلاثة أولاد أولهم أبو بكر عبد العزيز مات بالموصل في حياة والده سنة أربع وخمسين وخمسمائة وكان فقيهًا واعظًا والثاني أبو القاسم علي توفي سنة ثلاثين وستمائة وله ثمانون سنة والثالث أبو محمد يوسف الآتي ذكره رحمهم الله تعالى.
* الشيخ أبو عمر بن قدامة
محمد بن أحمد بن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر بن عبد الله الجماعيلي المقدسي ثم الدمشقي الصالح الزاهد العابد الشيخ أبو عمر مولده سنة ثمان