بذلك فقه الإِمام أحمد من مصر وسمعت هذا القول مرارًا من شيخنا الشيخ شهاب الدين الرملي وما سمعته قط يستغيب أحدًا من أقرانه ولا غيرهم ولا حسد أحدًا عَلَى شيء من أمور الدنيا ولا زاحم عليها وولي القضاء بسؤال جميع أهل مصر فأشار عليه بعض العلماء بالولاية وقال يتعين عليك ذلك فأجاب مصلحة المسلمين وما رأيت أحدًا أحلى منطقًا منه ولا أكثر أدبًا مع جليسه حتى يود أنه لا يفارقه ليلًا ولا نهارًا وبالجملة فأوصافه الجميلة تجل عن تصنيفي فأسأل الله تعالى أن يزيده من فضله علمًا وعملًا وورعًا إلى أن يلقاه وهو عنه راض آمين انتهى وكانت وفاة صاحب الترجمة في حدود سنة ثمانين وتسعمائة رحمه الله رحمة واسعة آمين.
* الشيخ شمس الدين الفارضي
محمد القاهري المعروف بالفارضي الشيخ الإِمام العلامة شمس الدين الشاعر المشهور الذي لم تسمح بمثله الدهور شيخ أهل الأدب ومن أتته الرقة والرشاقة من كل حدب مركز الفصاحة والبلاغة وأحد الأفراد في جودة السبك والصياغة فهو في هذا الشأن المشار إليه بالبنان والمضاهي لقيس سحبان ترجمه الحافظ نجم الدين الغزي في الكواكب فقال أخذ عن جماعة من علماء مصر واجتمع بشيخ الإِسلام البدر الغزي حين كان بالقاهرة سنة اثنين وخمسين وتسعمائة وكان بدينًا سمينًا فقال الوالد البدر المشار إليه يداعبه:
الفارضي الحنبلي الرضى … في النحو والشعر عظيم المثيل
فيل ومع ذا فهو خفة … نقلت كلا بل رزين ثقيل
ومن محاسنه أنه صلى شخص إلى جانبه ذات يوم فخفف جدًا فنهاه فقال أنا حنفي فقال الفارضي:
معاشر الناس جميعًا حسبما رسمت … أهل الهدى والحجى من كل من نبها
ما حرم العلم النعمان في سند … يومًا طمأنينة أصلا ولا كرها
وكونها عنده ليست بواجبة … لا يوجب الترك فيما قرر الفقهاء