لانظر إليه فمكث خمسًا وأربعين يومًا ينبح كما ينبح الكلب وقد انتقم الله من كل خصومه المبتدعين الذين سعوا في أمره وخذلهم ونصره عليهم بحول الله وقوته وبركة كتابه العزيز وسنة نبيه صلّى الله عليه وسلم وشرع المتوكل في الإحسان إلى الإِمام وتعظيمه وإكرامه وكتب إلى نائبه بغداد إسحاق بن إبراهيم أن يبعث إليه بالإِمام أحمد فبعث به معظمًا مكرمًا إلى الخليفة بسر من رأى قال عبد الله بن أحمد وبعث المتوكل يقول أحببت أن أراك وأن أتبرك بدعائك وأنزلنا دارًا والمتوكل يرانا من وراء الستر فأمر لأبي بثياب ودراهم وخلعة فبكى وقال أنسلم من هؤلاء منذ ستين سنة فلما كان آخر العمر ابتليت بهم ولما جاؤوا بالخلعة لم يمسها فجعلها على كتفيه فما زال يتحرك حتى رمى بها وأبى أن يقبل المال فقبل له أن رددتُه وجد عليك في نفسه ففرقه على مستحقيه ولم يأخذ منه شيئًا وكان كل يوم يرسل إليه من طعامه الخاص فلا يأكل منه لقمة قال صالح وأمر المتوكل أن يشرى له في دارًا فقال أبي يا صالح إن أقررت لهم بشراء دار لتكونن القطيعة بيني وبينك فلم يزل يدفع شراء الدار حتى اندفع ثم عاد إلى بغداد وكان المتوكل لا يولي احدًا إلا بمشورة الإمام أحمد ومكث الإمام إلى حين وفاته قل أن يأتي يوم إلا ورسالة الخليفة تنفذ إليه في أمور يشاوره فيها رحمهما الله تعالى.
[ذكر وفاته رضي الله عنه]
مرض الإِمام ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من شهر ربيع الأول فأقبل الناس لعيادته وكثروا ولزموا الباب بالليل والنهار وسمع السلطان بكثرة الناس فوكل ببابه وباب الزقاق المرابطة وأصحاب الأخبار فأغلق باب الزقاق وكان الناس بالشوارع والمساجد حتى تعطل بعض الباعة وكان ابن عطاء يتعاهده بالغداة والعشي ولم يجتمعا وجاء إليه حاجب ابن طاهر وقالا أن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقال له هذا مما أكره وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم وكان يخدمه في أموره المروذي وكان قد كتب وصيته فقال اقرأوها فقرئت عليه ونسختها (بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به أحمد بن محمد بن حنبل أوصى أنه يشهد أن لا