العلماء والقضاة وأئمة الحديث ودعاهم إلى ذلك فامتنعوا فهددهم فأجاب أكثرهم مكرهين واستمر الإمام أحمد رضي الله عنه على الامتناع فلما أصر حمل على بعير وسيروه إلى الخليفة فبلغه توعد الخليفة له بالقتل إن لم يجب إلى القول بخلق القرآن فتوجه الإمام أحمد بالدعاء إلى الله تعالى أن لا يجمع بينه وبينه فبينما هو في الطريق قبل وصوله إليه إذ جاءهم الصريخ بموت المأمون وكان موته في شهر رجب سنة ثمان عشرة ومائتين. فرد الإِمام أحمد إلى بغداد وحبس - ثم ولي الخلافة المعتصم وهو أبو اسحاق محمد بن هارون الرشيد وقدم من بلاد الروم فدخل بغداد في مستهل شهر رمضان سنة ثمان عشرة ومائتين فامتحن الإِمام وضرب بين يديه في الشهر المذكور وكان ما كان. . . ثم أمر الخليفة بحبسه فبقي محبوسًا نحو ثمانية وعشرين شهرًا آخرها رمضان سنة عشرين ومائتين - ثم في ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين ولي الواثق وهو أبو جعفر هارون بن المعتصم فلم يتعرض للإِمام في شيء وإنما امره أن يختفي فاختفى الإمام إلى أن توفي الواثق - ولما ولي المتوكل وهو أبو الفضل جعفر بن المعتصم وكانت ولايته في ذي الحجة سنة اثنين وثلاثين ومائتين خالف ما كان عليه المأمون والمعتصم والواثق من الاعتقاد وطعن عليهم. فيما كانوا يقولونه من خلق القرآن ونهى عن الجدل والمناظرة في الآراء وعاقب عليه وأمر بإظهار الرواية للحديث فأظهر الله به السنة وأمات البدعة فاستبشر الناس بولايته وأمر بالقبض على وزيره الزيات فوضعه في تنور إلى أن مات. وذلك سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وابتلي قاضي القضاة أحمد بن أبي داود بالفالج بعد موت الوزير بسبعة وأربعين يومًا فولي القضاء مكانه ولده محمد فلم تكن طريقته مرضية ثم سخط المتوكل عل أحمد بن أبي داود وولده في سنة ٢٣٩ وأخذ جميع ضياع الأب وأمواله وأخذ من الولد مائة وعشرين ألف دينار وجوهرًا بأربعين ألف دينار وسيره إلى بغداد وولى القاضي يحيى بن أكتم قضاء القضاة وكان من أئمة الدين وعلماء السنة ثم مات ابن أبي داود بمرض الفالج في المحرم سنة أربعين ومائتين ومات ولده محمد قبله بعشرين يومًا وكان بشر المريسي قد أهلكه الله ومات في ذي الحجة سنة ٢١٨ وعن عمران بن موسى قال دخلت على أبي العروق الجلاد الذي ضرب الإمام أحمد