واستقر عرضه القاضي بهاء الدين بن قدامة ولم يقدر توجهه إلى دمشق فأعيد صاحب الترجمة إلى ولاية القضاء واستمر إلى أن عزل بالقاضي بهاء الدين المشار إليه في أواخر سنة تسع وتسعمائة وقدم إلى دمشق في أوائل سنة عشر وتسعمائة وهو متوعك البدن فأقام ثلاثة أشهر وتوفي في شهر ربيع الآخر من السنة المذكورة فلم يزل صاحب الترجمة قاضيًا إلى أن توفي في شوال سنة تسع عشرة وتسعمائة وكانت وفاته ليلة الجمعة ثاني عشر الشهر المذكور وصلى عليه بعد صلاة الجمعة في الجامع الأموي وحضر للصلاة عليه نائب الشام سيباي والقضاة الثلاثة وخلائق لا تحصى ودفن على والده بالروضة من سفح جبل قاسيون.
قال المؤلف الغزي ورأيت بخط مفيد صاحب الترجمة القاضي أكمل الدين ما صورته ولما توفي جدي قاضي القضاة نجم الدين عمر المشار إليه في التاريخ المذكور تولى القضاء بدمشق ولده عمي قاضي القضاة شرف الدين عبد الله عوضًا عن والده بحكم وفاته واستمر قاضيًا إلى أن أزال الله دولة الجراكسة وتولى السلطان سليم خان بن عثمان فدخل دمشق سنة اثنين وعشرين وتسعمائة فرفع القضاة الأربعة وولى قضاء الشام لزين العابدين الفتري مفردًا واستمر إلى أن عاد السلطان من مصر انتهى قلت ومن ذلك العهد إلى زماننا هذا إنما ينصب قاضيًا للحنابلة أو الشافعية أو المالكية القاضي الحنفي المولى من طرف السلطان فهو قاضي القضاة وينصب له نوابًا من الحنفية أيضًا في باقي محاكم دمشق والله أعلم.
يقول المختصر محمد جميل الشطي ولم يزل الحال كذلك إلى سنة سبع وعشرين وثلاثمائة وألف وفيها صدرت الأوامر العلية بتوحيد المحاكم الشرعية فأبقيت محكمة الباب وألغيت سائر المحاكم وأقيم في المحكمة المذكورة "مشاور" ينوب عن القاضي في بعض الأمور وهذا القاضي يستنيب قاضيًا من الحنابلة وغيرهم لأجل تصحيح أمور الأوقاف المعروفة بدمشق جريًا على العادة القديمة والله أعلم.
* الشيخ بدر الدين حسين الأسطواني
حسين بن سليمان بن أحمد الشيخ الفاضل بدر الدين أبو عبد الله الشهير