محمد بن بدر الدين بن عبد القادر بن محمد البلباني البعلي ثم الدمشقي الصالحي الخزرجي الشيخ العلامة المحقق الفهامة الورع الزاهد العالم العامل القدوة الحجة خاتمة المسندين بقية السلف الصالحين شيخ الإسلام أبو عبد الله شمس الدين أحد الأئمة الزهاد وأوحد العلماء الأفراد ولد بدمشق سنة ست وألف ظنا كما قاله وكان من كبار أصحاب الشهاب أحمد أبي الوفا الوفائي في الفقه والحديث ثم زاد عليه في معرفة فقه المذاهب زيادة على مذهبه فكان يقرئ في المذاهب الأربعة وتفقه أيضًا على القاضي محمود الحميدي وسمع ببعلبك وبدمشق على الشهاب أحمد العيثاوي الكبير والشمس محمد الميداني وأفتى مدة عمره وانتهت إليه رئاسة العلم بالصالحية بعد الشيخ علي القبردي وكان عالمًا عاملًا ورعًا زاهدًا فقيهًا محدثًا عابدًا معمرًا قطع أوقاته في العبادة والعلم والكتابة والدرس حتى مكن الله تعالى منزلته من القلوب وأحبه الخاص والعام وكان ربانيا متألها متواضعًا مخفوض الجناح حسن الخلق والخلق والصحبة حلو العبارة كثير التحري في أمر الدين والدنيا منقطعًا إلى الله تعالى وكان كثيرًا ما يورد كلام الحافظ ابني الحسن علي بن أحمد الزيدي ويستحسنه وهو قوله اجعلوا النوافل كالفرائض والمعاصي كالكفر والشهوات كالسم ومخالطة الناس كالنار والغذاء كالدواء - (قال المؤلف الغزي) وقد عقد هذه المقالة جدي العلامة شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الغزي بقوله:
اجعل النفل كالفروض وقرب … الناس كالنار تنف هما وغما
واجعل الأكل كالدوا والمعاصي … مثل كفر وشهوة النفس سما
وكان صاحب الترجمة في أحواله مستقيمًا على نسق واحد وأوقاته مقسومة إلى أقسام إما صلاة أو قراءة قرآن أو كتابة اقراء وانتفع به خلق وأخذ عنه جمع من أعيان العلماءُ منهم الإمام المحقق محمد بن محمد المغربي والوزير الكبير مصطفى باشا بن محمد باشا الكوبري والشيخ أبو المواهب الحنبلي والشيخ عبد القادر بن عبد الهادي العمري وأبو الفلاح عبد الحي العكري الصالحي والأمين