مقري الديار المصرية حين قدم دمشق وأخذ عقائد تقي الدين بن تيمية الحراني وموفق الدين بن قدامة الصالحي والشمس محمد البلباني عن والده وأخذ عنه أيضًا الفقه والفرائض والحساب وأخذ النحو والمنطق والأصلين عن الشيخ أسعد بن عبد الرحمن المجلد السليمي والجد شيخ الإسلام (أو مفتي الشافعية بدمشق) الشمس محمد الغزي العامري والشهاب أحمد المنيني والجمال عبد الله البصروي والشرف موسى المحاسني والعماد إسماعيل العجلوني والعلامة علي الطاغستاني وأخذ الفقه أيضًا عن الشيخ عواد الكوري والشيخ مصطفى اللبدي والشيخ إسماعيل اللبدي المذكور وأخذ علم الحديث عن الشيخ صالح الجينيني وعن العجلوني المقدم ذكره وحضره في مجالس الحديث تحت القبة بالجامع الأموي ونبل قدره وغزر فضله وارتحل إلى قسطنطينية المحمية مرارًا وحظي ببعض الوظائف السلطانية من العثامنة والتداريس بدمشق واجتمع بأفاضل الروم وصدورها وفي سنة ١١٩٥ وجهت له فتوى الحنابلة بدمشق وعزل عنها الشيخ محمد بن أحمد البعلي الدمشقي ثم عزل عنها ووجهت للبعلي المرقوم ولم يزل كل منهما يعزل صاحبه حتى استقر أمرها لصاحب الترجمة وبقيت عليه إلى وفاته ودرس في الجامع الشريف الأموي بعد وفاة الشيخ محمد اللبدي وأقبلت عليه الطلبة من الحنابلة وغيرهم وتولى وظيفة التكلم على أوقاف الجامع المظفري بصالحية دمشق وكان كثير المخالطة لأمور الناس وألف مؤلفات نافعة فمنها شرح دليل الطالب في مجلدين قرظه له العلماء من أهل المذهب وغيره وشرح غاية المنتهى لم يكمله وشرح قصيدة ابن أبي عوانة الشاعر الجاهلي التي مطلعها:
أفاطم لو شهدت ببطن خبت … وقد لاقى الهز بر أخاك بشرا
وله عدة مقامات أنشأها في وقائع مخصوصة أوقفني على بعضها فرأيته في غاية النفاسة وكان بيني وبينه من المحبة والمودة ما لا مزيد عليه (هذا عجيب من المؤلف الغزي إذ صاحب الترجمة أكبر من والده فهو من طبقة شيوخه لا محالة وليت شعري ماذا يريد بهذا وأمثاله مما وجدته في الأصل بخطه سامحه الله) وكان طويل القامة بشوشًا متواضعًا لطيف المحاضرة حلو المذاكرة بديع النكتة والنادرة ذا همة عالية في قضاء حوائج الناس مبادرًا إلى رد الحقوق إلى أهلها وله شعر