ثم رجع إلى بيت المقدس وهو فاضل فأخذ بها عن الأستاذ مصطفى بن كمال الدين البكري وأجاز له وكان والد صاحب الترجمة قدم إلى دمشق سنة ١١٤٠ ومعه المترجم فاجتمع بالقطب الشيخ عبد الغني النابلسي وأخذ عنه ثم قدم دمشق أيضًا فأخذ عن الأستاذ الشيخ إسماعيل العجلوني والشيخ موسى المحاسني والشيخ محمود الكردي والشيخ علي الكزبري واجتمع بالولي الشيخ أحمد النحلاوي وأخذ الطريقة القادرية بمصر عن الشيخ علي البيومي وألبسه الخرقة وأجازه ثم دخل حلب مسقط رأسه ودرس بجامعها وبالمدرسة العلمية ثم ذهب لدار السلطنة العلية قسطنطينية المحمية وتردد إليها مرارًا وولي القضاء مرارًا في عدة بلاد من الروم وحمدت سيرته ولازم من محمد حياتي زاده مفتي التخت العثماني ثم صار له اعتبار الخارج من فيض الله أفندي داماد زاده مفتي التخت المزبور ولم يزل يتنقل بالاعتبارات حتى وصل إلى اعتبار ابتداء التمثلي وكان لطيف الذات حلو المحاورة ظريف المذاكرة منور الوجه مضيء الشيبة وله شعر قليل أنشدني من لفظه لنفسه قوله مضمنا:
رسول الله ضاق بي الفضاء … وجل الخطب وانقطع الاخاء
وجاهك يا رسول الله جاه … رفيع ما لرفعته انتهاء
وبي وجل شديد من ذنوبي … وما أدري أعفو أم جزاء
وما كانت ذنوبي عن عناد … ولكن بالقضا غلب الشقاء
رسول الله حقق فيك ظني … فجودك ليس لي عنه غناء
سمعنا فيك مدحًا فابتهجنا … وسر قلوبنا هذا الثناء
وأجمل منك لم تر قط عين … وأكمل منك لم تلد النساء
خلقت مبرأً من كل عيب … كأنك قد خلقت كما تشاء
وقدم المترجم أخيرًا إلى دمشق في سنة ١٢٠٤ ونزل بدار شيخ الإسلام العلامة الأثري أبي الفضل السيد محمد خليل أفندي المرادي مفتي دمشق (رحم الله روحه) فأكرمه وأحسن نزله واجتمعت به إذ ذاك وأخذت عنه وأجازني بعد إسماع الحديث المسلسل بالأولية وسمعت من فوائده ولطائفه ثم لما ذهب المولى