للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هاتيك المناهل عاد إلى وطنه فاستقام فيه مدة ثم كثرت هناك المشاغب والاحن فعزم عَلَى مفارقة ذلك الوطن وأم مدينة نابلس وبها سكن وكان ذلك عام ١٢٨٧ فرحل إليه الطالبون وانتفع به الراغبون وكان كثير الاعتناء بتلامذته ولا سيما المبتديء منهم وكانت إقامته في مدرسة الجامع الصلاحي الكبير وهو دمث الأخلاق حلو الشمائل حسن المذاكرة جيد التعبير والتقرير أخذت عنه البلاد الحجازية والشامية علمي الحديث رواية ودراية ورزق الحظوة والجاه فوق النظائر والأشباه ومن مصنفاته كتاب المنهج الأحمد في درأ المثالب التي تنمي لمذهب الإمام أحمد وبغية النساك والعباد في البحث عن ماهية الصلاح والفساد وهداية الراغب وكفاية الطالب مرتب ترتيب أبواب البخاري والأجوبة الدرية في دفع الشبه والمطاعن الواردة عَلَى الملة الإسلامية والأجوبة العلية على الأسئلة الرافعية في علم التوحيد وطوالع الأنوار البهية جوابا عن خمسين مسألة في العلم المذكور والرحلة الحجازية أودعها الأبحاث الشريفة التي كانت تقع بينه وبين العلماء في رحلته المدنية وهي مطبوعة معروفة وله من الرسائل المختصرة شيء كثير وفي سنة ١٣١٨ زار بيت المقدس وبلد سيدنا إبراهيم الخليل فدعته النفحات القدسية إلى البلاد الحجازية فأقام يخدم السنة السنية في الأعتاب النبوية وانتفع به خلق كثيرون في الفقه والحديث وكان في موسم الحج من كل سنة يحج ويؤدي المناسك الشريفة وربما زار وطنه في خلال ذلك فتهزه نسمات العود والرجوع ولم يزل على حالته الحسنة يتردد بين المدينة المنورة ووطنه المذكور إلى أن كانت وفاته بنابلس وهو يصلي الجمعة في الجامع الكبير الصلاحي في اليوم العاشر من المحرم سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وألف وشيعت جنازته من الغد وصلي عليه في الجامع المذكور بجمع حافل وكان يومًا مشهودًا ودفن في مقبرة نابلس بجوار العلامة الشهير الشيخ محمد السفاريني ورثاه جماعة من أهل العلم ومنهم الشيخ منيب هاشم مفتي الدار النابلسية حيث قال في مرثيته:

الله أكبر فالمصاب تناهى … والدين ثلمته استطار عناها

شمل البلاء العالمين فلا ترى … نفسًا ولم تك زعزعت أحشاها

فاليوم مات الحجة العلم الذي … لدلائل التحقيق شاد بناها

<<  <   >  >>