ماتوا وما عرفوا الجوهر والعرض فإن رضيت أن تكون مثلهم فكن وإن رأيت أن طريقة المتكلمين أولى من طريقة أبي بكر وعمر فبئس ما رأيت قال الحافظ ضياء الدين المقدسي كتب بعضهم إلى أبي الوفا بن عقيل يقول له صف لي أصحاب الإمام أحمد على ما عرفت به من الأنصاف فكتب إليه يقول هم - قوم خشن تقلصت أخلاقهم عن المخالطة وغلظت طباعهم عن المداخلة وغلب عليهم الجد وقل عندهم الهزل وعزت نفوسهم عن ذل المراباة وفزعوا عن الآراء إلى الروايات وتمسكوا بالظاهر تخرجا عن التأويل وغلبت عليهم الأعمال الصالحة فلم يدققوا في العلوم الغامضة بل دققوا في الورع وأخذوا ما ظهر من العلوم وما وراء ذلك قالوا الله أعلم بما فيها خشية باريها ولم أحفظ على أحد منهم تشبيهًا إنما غلب عليهم التحري لإيمانهم بظواهر الآي والأخبار من غير تأويل ولا إنكار والله يعلم أنني لا أعتقد في الإِسلام طائفة محقة خالية من البدع سوى من سلك هذا الطريق والسلام - وكان ابن عقيل يقول لا يعظم عندك بذلك نفسك في سبيل الله فهي التي بذلتها بالأمس في حب مغنية وهوى أمرد وخاطرت بها في الأسفار لأجل زيادة الدنيا فلما جئت إلى طاعة الله عظمت ما بذلتها والله ما يحسن بذل النفس إلا لمن إذا أباد أعاد وإذا أعاد أفاد وإذا أفاد خلد فائدته على الأباد ذاك والله يحسن فيه بذل النفوس وإبانة الرؤوس أليس هو القائل {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا}، روى المترجم بسنده عن أحمد بن نصر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت يا رسول الله من تركت لنا في عصرنا هذا نقتدي به قال عليكم بأحمد بن حنبل - ولابن عقيل تصانيف كثيرة في أنواع العلم وأكبر تصانيفه كتاب الفنون وهو كتاب كبير جدًا فيه فوائد كثيرة جليلة في الوعظ والتفسير والفقه والأصلين والنحو واللغة والشعر والتاريخ والحكايات وفيه مناظراته ومجالسه التي وقعت له وخواطره ونتائج فكره قيدها فيه قال ابن الجوزي وهذا الكتاب مائتا مجلدة وقع لي منه نحو من مائة وخمسين مجلدة وقال الحافظ الذهبي في تاريخه لم يصنف في الدنيا أكبر من هذا الكتاب قال ابن رجب وأخبرني أبو حفص عمر بن علي القزويني ببغداد قال سمعت بعض مشايخنا يقول هو ثمان مائة مجلدة وله في الفقه كتاب الفصول ويسمى كفاية المغني في عشر مجلدات وعمدة الأدلة والمفردات والمجالس النظريات