للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رضعة (١).

قال عبد الله: "ولا رضاعة لكبير (٢)، والرضاعة من قبل الفحل تحرم، وذلك أن يكون للرجل المرأتان فترضع إحدهما غلامًا وترضع الأخرى جارية فيريدان أن ينكحا، فلا يجوز ذلك؛ لأن الأب واحد، الذي أرضعاهُ جميعًا لَبَنُهُ، وإن كانت الأُمَّان متفرقين وهما أخوان لأب فلا يتناكحان بهذا وما أشبهه (٣)، ولا رضاعة لكبير، وإن درت المرأة التي لم تلد، والعجوز التي قد قعدت عن الولد على صبي فأرضعتاه فَرَضَاعُهُمَا محرِّم (٤)، ولا بأس أن تسافر المرأة مع الصبي إذا أرضعته مع أخيها من الرضاعة؛ لأنهما جميعًا محرم لها، ولا ينكح الرجل امرأة ابنه من الرضاعة، وإنما تفسير قول الله ﷿ ﴿وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] (٥)


(١) مسائل الإمام أحمد وإسحاق ٤/ ١٦١٨.
(٢) وقد أخرج البخاري ٢٥٠٤، ومسلم ١٤٥٥، عن عائشة قالت: دخل عليَّ رسول الله وعندي رجل قال: يا عائشة مَن هذا. قلتُ أخي من الرضاعة قال: "يا عائشة انظرْنَ مَنْ إخوانكنَّ فإنما الرضاعة من المجاعة". أي الرضاعةُ التي تثبتُ بها الحُرْمة ما تكون في صِغَر الصبيِّ حيث يَسُدُّ اللَّبنُ جَوْعتَه. كما قال الله تعالى: ﴿يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ﴾ [البقرة: ٢٣٣] وروى مالك في الموطأ ٢/ ٦٠٣، بسند صحيح عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: لا رضاعة إلا لمن أرضع في الصغر ولا رضاعة لكبير.
(٣) انظر هذه المسألة: شرح صحيح البخاري لابن بطال ٧/ ٢٠١، وروى الإمام مالك في الموطأ ٢/ ٦٠٢، بسند صحيح عن ابن عباس أنه سأله رجل كانت له امرأتان فأرضعت إحداهما غلامًا وأرضعت الأخرى جارية فقيل له: هل يتزوج الغلام الجارية فقال: لا اللقاح واحد، أى الأمهات وإن افترقن فإن الأب الذى هو سبب اللبن للمرأتين؛ واحد، فالغلام والجارية أخوان لأب من الرضاع.
(٤) بلغة السالك ٢/ ٤٧٠، حاشية الدسوقي ٢/ ٥٠٢.
(٥) سورة النساء الآية ٢٣.

<<  <   >  >>