(٢) في حديث ابن عباس عن النبي ﷺ قال: "لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم". فقام رجل فقال: يا رسول الله امرأتي خرجت حاجة واكتتبت في غزوة كذا كذا قال: "ارجع فحج مع امرأتك". أخرجه البخارى ٤٩٣٥، ومسلم ٣٣٣٦، وفي حديث أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "لا يحلُّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تُسافِرَ مَسيرة يوم وليلة وليس معها ذو حُرمَة منها". وفي رواية أخرى: "مَسيرَة يوم وليلة إلا مع ذي محرم عليها". وفي رواية أخرى: "مسيرة يوم". وفي رواية أخرى لمسلم: "مسيرة ليلة إلا ومعها رجل ذُو حرمة منها". أخرجه البخاري ومسلم، وفي أخرى لمسلم: "لا يحلُّ لامرأة تسافر ثلاًثا إلا ومعها ذو محرم منها"، وفي أخرى لأبي داود نحو رواية مسلم، إلا أنه قال: "بَريدًا". والبريد: أربعة فراسخ، وقيل: فرسخان، وأصل هذه الكلمة فارسية، وانظر الروايات: جا مع الأصول ٥/ ٢٤. فجمع الحافظ ابن عبد البر ﵀ هذه الأقوال بقوله: وقد اضطربت الآثار المرفوعة في هذا الباب كما ترى في ألفاظها، وَمَحْمَلُها عندي -والله أعلم-: أنها خرجت على أجوبة السائلين فحدَّث كل واحد بمعنى ما سمع كأنه قيل له ﷺ في وقت ما: هل تسافر المرأة مسيرة يوم بلا محرم؟ فقال لا. وقيل له في وقت آخر: هل تسافر المرأة مسيرة يومين بغير محرم؟ فقال لا، وقال له آخر: هل تسافر المرأة مسيرة ثلاثة أيام بغير محرم؟ فقال لا. وكذلك معنى الليلة والبريد ونحو ذلك، فأدى كل واحد ما سمع على المعنى والله أعلم. ويجمع معاني الآثار في هذا الباب وإن اختلفت ظواهرها: الحظر على المرأة أن تسافر سفرًا يخاف عليها الفتنة بغير محرم قصيرا كان أو طويلًا. والله أعلم. انظر: التمهيد ٢١/ ٥٥. (٣) وقد فصل هذه المسألة الحافظ ابن عبد البر ﵀، فنقل في التمهيد ٢١/ ٥١، =