للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال سفيان الثوري: المد (١) من الماء يجزيك في الوضوء، والصاع (٢) في الغسل من الجنابة (٣)، إذا اغتسلت فتوضأ للصلاة ثلاثًا ثلاثا (٤)، ثم اغسل سائر جسدك، ثم تنحَّ عن موضع غسلك فاغسل رجليك (٥).


= من الجنابة وهو من أحسن حديث روي في ذلك وفيه فرض وسنة، فأما السنة فالوضوء قبل الاغتسال من الجنابة ثبت ذلك عن رسول الله أنه كذلك كان يفعل إلا أن المغتسل من الجنابة إذا لم يتوضأ وعم جميع جسده ورأسه ويديه ورجليه وسائر بدنه بالماء وأسبغ ذلك وأكمله بالغسل ومرور يديه فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه وتم غسله؛ لأن الله ﷿ إنما فرض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله عزوجل: ﴿وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا﴾ [النساء: ٤٣] وقوله: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: ٦] وهذا إجماع لا خلاف فيه بين العلماء. انظر: التمهيد ٢٢/ ٩٣.
(١) المُد: هو مقدار ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين، وبالوزن رطل وثلث.
(٢) الصاع: مكيال المدينة تقدر به الحبوب، وسعته: خَمْسَةُ أَرْطَالٍ وَثُلْث بِالْعِرَاقِيِّ وهو: أربعة أمداد.
(٣) أخرجه ابن قتيبة في غريب الحديث ١/ ١٦٣، وقد سبق في حديث أنس أن ذلك من سنته .
(٤) ولا يجب ذلك بل هو على استحباب، وإلا فقد اتفق العلماء على عدم وجوب الوضوء في الغسل وأنه مستحب، إلا داود الظاهري فقال بالوجوب في غسل الجنابة، فعلى هذا إن اقتصر المتطهر من الجنابة والحيض والنفاس على الغسل دون الوضوء أجزأه عن الوضوء باتفاق، لكن يستحب الوضوء قبل الغسل للجنب تأسيًا برسول الله ؛ ولأنه أعون على الغسل وأهذب فيه، وأما بعد الغسل فلا؛ لما صح عن عائشة ؛ أن النبي كان لا يتوضأ بعد الغسل من الجنابة. أخرجه ابن ماجه ٥٧٩، وغيره، وصححه الألباني.
انظر تفصيل المسألة: التمهيد ٢٢/ ٩٣، البحر الرائق ١/ ٥٢، كفاية الطالب ١/ ٢٦٦، الخرشي على مختصر خليل ١/ ١٧٥.
(٥) ورد ذلك عن النبي في صفة غسله الثابت عن زوجه ميمونة كما أخرجه =

<<  <   >  >>