(١) لحديث ابن عمر قال: سمعت رسول الله ﷺ وهو يسأل عن الماء يكون في الفلاة من الأرض وما ينوبه من السباع والدواب؟ فقال: "إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث" رواه الخمسة وفي لفظ ابن ماجه وأحمد: "لم ينجسه شئ". هو حديث صحيح، وقد رواه مع الخمسة الدارمي، والطحاوي، والدارقطني، والحاكم، والبيهقي، والطيالسي بإسناد صحيح، وقد صححه الطحاوي، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، والذهبي، والنووي، والعسقلاني. انظر: الألباني؛ إرواء الغليل ١/ ٦٠، فاختلف العلماء في مدلول هذا الحديث، وقد نقلتُ هنا كلام الماوردي في كتابه الحاوي ١/ ٣٢٥ - ٣٢٦ فإنه فصل المسألة تفصيلًا دقيقًا حيث قال ﵀: وللنجاسة إذا وقعت في الماء حالان. حال تغير أحد أوصاف الماء من لون أو طعم أو رائحة، فيصير الماء بها نجسًا، قليلًا كان أو كثيرًا وهو إجماع، والحال الثانية: أن لا تغير النجاسة شيئًا من أوصاف الماء، فقد اختلف الناس في حكمه على ثلاثة مذاهب: أحدها: وهو مذهب مالك أن الاعتبار في نجاسته بالتغيير ما لم يتغير أحد أوصافه، فهو طاهر، وإن قل وبه قال الحسن البصري وإبراهيم النخعي وداود بن علي. والمذهب الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة أن اعتبار نجاسته بالاختلاط، واختلاط النجاسة بالماء معتبر بأنه متى حرك أدناه تحرك اْقصاه وقيل: ما التقى طرفاه فيصير الماء به نجسًا وإن لم يلتق طرفاه، ولا تحرك أقصاه بتحريك أدناه كان ما لم يتحرك من الماء بالنجاسة طاهرًا، واختلفت عنه الرواية فيما تحرك فروى بعض أصحابه عنه أنه نجس، وروى بعضهم أنه طاهر. والمذهب الثالث: أن اعتبار نجاسته بالقلة والكثرة فإن قل الماء كان نجسًا وإن كثر كان طاهرًا، واختلف القائلون بهذا في حد القليل من الكثير على ثلاثة مذاهب: أحدها: وهو مذهب الشافعي أنه محدود بقلتين، فإن بلغ الماء قلتين فهو كثير، لا ينجس إلا بالتغيير، وإن كان دون القلتين، فهو نجس، وبه قال من الصحابة ...... =