للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال أبو حنيفة: لا يتوضأ من مس ذكره (١).


= قلتُ: ويمكن الجمع بين الحديثين بأن من مسَّ ذكره بدون حائل قاصدا لذلك ومتعمدا وبشهوة انتقض وضوؤه، ومن مسه بغير ذلك فهو بضعة منه وليس عليه الوضوء، وذلك حتى يتم إعمال الدليلين. والله أعلم، ومما يدل على ذلك؛ ما يلي: قال ابن المنذر في الأوسط ١/ ٢٠٣: إذا لم يثبت حديث بسرة فالنظر يدل على أن الوضوء من مس الذكر غير واجب ولو توضأ من مس ذكره احتياطًا كان ذلك حسنا، وإن لم يفعل فلا شيء عليه، وقال ابن عبد البر في التمهيد ١٧/ ١٩٤: الشرط في مس الذكر أن لا يكون دونه حائل ولا حجاب، وأن يمس بقصد وإرادة؛ لأن العرب لا تسمى الفاعل فاعلًا إلا بقصد منه إلى الفعل، وهذه الحقيقة في ذلك والمعلوم في القصد إلى المس أن يكون في الأغلب بباطن الكف، ثم قال ١٧/ ٢٠٥ في آخر الباب: النظر عندي في هذا الباب أن الوضوء لا يجب إلا على من مس ذكره أو فرجه قاصدًا مفضيًا، وأما غير ذلك منه أو من غيره فلا يوجب، الظاهر والأصل أن الوضوء المجتمع عليه لا ينتقض إلا بإجماع أو سنة ثابتة غير محتملة للتأويل. انتهى.
وأما حكم من مس ذكر غيره؛ فقد قال ابن المنذر في الأوسط ١/ ٢٠٨ - ٢١٠: كان الزهري يقول: إذا مس الرجل فرج امرأته ووضع يده على كفلها أو مس محاسرها توضأ، وقال الأوزاعي: إذا مس فرج امرأته عليه الوضوء، وكذلك قال الشافعي، وكان الأوزاعي يقول: إذا مست فرج زوجها فعليها الوضوء ولا وضوء عليه. وقال مالك: إذا مست فرج زوجها أرى أن تتوضأ، وحكي عنه أنه قال: إن كانت مسته لشهوة فعليها الوضوء، وإن كانت مسته لغير شهوة فلا وضوء عليها. والله أعلم. واختلفوا فيما يجب على من مس ذكر صبي فقالت طائفة: عليه الوضوء، كذلك قال عطاء والشافعي، وقال أبو ثور: إذا مس ذكر غيره توضأ. وقال إسحاق: أحب إلي أن يتوضأ، وقالت طائفة: ليس في مس ذكر الصبي وضوء، كذلك قال الزهري والأوزاعي ومالك.
(١) شرح معاني الآثار ١/ ٧٥ - ٧٦، شرح سنن أبي داود للعيني ١/ ٤٢١.

<<  <   >  >>