للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال عبد الله بن عبد الحكم: "ولا وضوء مما مست النار من الطعام والشراب" (١).


= من مس عانته كما سبق.
(١) لحديث عبد الله بن عباس: اْن رسول الله أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ. أخرجه مالك في الموطأ ٤٨، وأبو داود ١٨٧، وحديث جابر قال: كان آخر الأمرين من رسول الله ترك الوضوء مما مست النار. رواه النسائي ١/ ١٠٨، وكلاهما صحيح، وكان العمل قبل ذلك على الوضوء مما مست النار لقوله : "توضؤوا مما مست النار". أخرجه النسائي ١/ ١٠٥ وغيره وصححه الألباني. فجمع العلماء بين هذه الأحاديث بأن قوله : توضؤوا مما مست النار، وما في معناه. منسوخ بالحديثين وهذا آخر الأمرين من رسول الله . قال الترمذي: وكأن هذا الحديث ناسخ للحديث الأول حديث الوضوء مما مست النار، وممن ذهب إلى النسخ أيضًا ابن حبان والخطابي وغيرهما، والمقصود بالنسخ هنا نسخ الإيجاب كما هو واضح، وأفاد ذلك أيضًا ابن حبان في صحيحه ٣/ ٤١٦، وقد ورد عن أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وابن عباس وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وأبي بن كعب وأبي طلحة الأنصاريين أنهم كانوا لا يرون على من أكل شيئًا مسته النار وضوءًا وأنهم كانوا يأكلون ذلك ولا يحدثون قبل الصلاة وبعد أكلهم ما مست النار- وضوءًا، ودل ذلك من فعله على عمله باختلاف الآثار المسندة في هذا الباب، وعمل الخلفاء الراشدين بترك الوضوء مما مست النار دليل على أنه منسوخ، وأن الآثار الواردة بذلك ناسخة للآثار الموجبة له، قال ابن عبد البر: وقد جاء هذا المعنى عن مالك أيضًا، وروى محمد بن الحسن أنه سمع مالكًا يقول: إذا جاء عن النبي حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر كان في ذلك دلالة على أن الحق فيما عملا به، ومما يدل على ذلك أيضا ما رواه الأوزاعي قال: كان مكحول يتوضأ مما مست النار حتى لقي عطاء بن أبي رباح فأخبره عن جابر أن أبا بكر الصديق أكل ذراعًا أو كتفًا ثم صلى ولم يتوضأ فترك مكحول الوضوء، فقيل له: أتركت الوضوء؟ فقال: لأن يقع أبو بكر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يخالف رسول الله . وقال ابن المنذر: وهذا قول مالك بن أنس فيمن تبعه من أهل المدينة وسفيان الثوري فيمن وافقه من أهل العراق، وبه قال الأوزاعي وأصحابه، وكذلك قال الشافعي وأحمد وإسحاق … =

<<  <   >  >>