للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتدبرها، وتطبيقها على ما ضُربَت له، وعقلها في القلب (إلا العالمون)، إلا أهل العلم الحقيقي، الذين وصل العلمُ إلى قلوبهم، وهذا مدح للأمثال التي يضربها، وحثٌّ على تدبرها وتعقلها، ومدح لمن يعقلها، وأنه عنوان على أنه من أهل العلم، فعلم أن من لم يعقلها ليس من العالمين، والسببُ في ذلك أن الأمثال التي يضربها الله في القرآن، إنما هي للأمور الكبار، والمطالب العالية، والمسائل الجليلة.

فأهلُ العلم يعرفون أنها أهم من غيرها، لاعتناء الله بها، وحثه عباده على تعقلها وتدبرها، فيبذلون جهدهم في معرفتها.

وأمَّا مَنْ لم يعقلها مع أهميتها، فإن ذلك دليل على أنه ليس من أهل العلم، لاْنه إذا لم يعرف المسائل المهمة، فعدم معرفته غيرها من باب أولى وأحرى؛ ولهذا أكثر ما يضرب الله الاْمثال في أصول الدين ونحوها" (١).

"وفي القرآن بضعة وأربعون مثلًا، وكان بعضُ السلف إذا مرَّ بمثل لا يفهمه يبكي ويقول: لستُ من العالمين" (٢).

وقال سبحانه: {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧)} [الزمر: ٢٧].

وقال سبحانه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٢١)} [الحشر: ٢١].

وقال تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ


(١) "تيسير الكريم الرحمن" (٥٨١).
(٢) "مفتاح دار السعادة" (١/ ٢٢٦) للإمام ابن قيم الجوزية.

<<  <   >  >>