للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

به، وأَن يُسرَّ غير ما يُظهرُ، ولا يجعلُ قول الشاعر هذا:

اعمل بِقَولِي وَإِن قصرت فِي عملي ... ينفعك قَولي وَلا يَضررك تقصِيرِي

عذرًا له في تَقصِيرٍ يُضمِرُهُ وَإِن لم يضُر غيرهُ، فإِن إعذار النفسِ يُغريها وُيحسنُ لها مساوئها؛ فإِن من قال ما لا يفعلُ فقد مكر، ومن أمر بما لا يأتمرُ فقد خدع، ومن أَسر غير ما يظهرُ فقد نافق.

وقد رُوي عن النبِي - صلى الله عليه وسلم - أَنهُ قال: "المَكرُ وَالخَدِيعَةُ فِي النَّارِ" (١). على أَن أَمرهُ بما لا يأتَمرُ مُطرح، وإِنكارهُ ما لا يُنكرُهُ من نفسه مُستقبح، بل رُبمَا كان ذلك سَبَبًا لإغراء المأمور بترك ما أُمر به عنادًا، وارتكاب ما نهى عنهُ كيادًا" اهـ (٢).

٥ - عدم البخل بالعلم:

ومن سوء الخلق البخل بالعلم، والجود بالعلم أسمى من الجود بالمال؛ لأن شرف العلم أسمى من شرف المال، ومن بخل بعلمه وكتم ما عنده، فقد ظلم نفسه، وبآء بالخسران المبين.

قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: ١٨٧].

ومن قرأ تراجم أهل العلم وقف على كرمهم وجودهم بالعلم ما لا يسع المجال لنقله، ومن تتبع أيام شيوخنا الفضلاء كالعلامة الشيخ عبد العزيز بن باز، والعلامة المحدث الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والعلامة الفقية


(١) صحيح. أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" عن قيس بن سعد، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٦٧٢٥).
(٢) "أدب الدنيا والدين" (١٢٣).

<<  <   >  >>