وذلك بتأمل ما يجلبه سوء الخلق من الأسف الدائم، والهم الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرء إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، وينبعث إلى محاسنها.
قال ابن القيم رحمه الله:"ومن عقوباتها (أي المعاصي وسوء الأخلاق) سقوط الجاه والمنزلة والكرامة عند الله وعند خلقه، فإن أكرم الخلق عند الله أتقاهم، وأقربهم منه منزلة أطوعهم له، وعلى قدر طاعة العبد له تكون منزلته عنده، فإذا عصاه وخالف أمره سقط من عينه، فأسقطه من قلوب عباده، وإذا لم يبق له جاه عند الخلق، وهان عليهم عاملوه، على حسب ذلك، فعاش بينهم أسوأ عيش: خامل الذكر، ساقط القدر، زري الحال، لا حرمة له، فلا فرح له ولا سرور، فإن خمول الذكر وسقوط القدر والجاه، يجلب كل غم وهم وحزن، ولا سرور معه ولا فرح، وأين هذا الألم من لذة المعصية.
ومن أعظم نعم الله على العبد: أن يرفع له بين العالمين ذكره، وُيعلي له قدره" (١).
قلت: وليس هذا فحسب، بل تأمل ما يقول ابن القيم أيضاً: "ومن عقوباتها: أنَّها تسلب صاحبها أسماء المدح والشرف، وتكسوه أسماء الذم والصغار، فتسلبه اسم المؤمن، والبر، والمحسن، والمتقي، والمطيع، والمنيب، والولي، والورع، والصالح، والعابد، والخائف، والأواب،