للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيرهما، والتوبة منها واجب على الفور وتحقيق شروطها، وكلامنا في هذا الفصل كيف نكتسب الأخلاق الحسنة ونجتهد في تغييرها للأحسن.

[٤ - المحاسبة]

وذلك بتصفح أفعاله، ونقد النفس إذا ارتكبت خلقًا ذميمًا، وحملها على ألا تعود إليه مرة أخرى، مع أخذها بمبدأ الثواب، فإذا أحسنت أراحها، وأرسلها على سجيتها بعض الوقت في المباح، وإذا أساءت وقصرت، أخذها بالحزم والجد، وحرمها من بعض ما تريد، ولا ينبغي للمرء إذا رأى من نفسه تقصيرًا أن يهملها؛ لأن ذلك يجعله يستسهل ذلك، ويشق عليه بعد ذلك فطامها، بل ينبغي أن يعاقبها عقوبة مباحة، كما يعاقب ولده وأهله.

"فالمحاسبة تكميل لمقام التوبة، والمراد بالمحاسبة الاستمرار على حفظ التوبة، حتى لا يخرج عنها، وكأنه وفاء بعقد التوبة" (١).

*ما المقصود بعقوبة النفس هنا؟

المقصود بها العقوبة المشروعة، وهي إلزام النفس بشيء يشق عليها فعله، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى ضرر بالجسم كما يفعل الصوفية المنحرفون من عقوبة النفس بعدم النوم، أو تحريم اللحم على النفس، أو الدخول في القاذورات، أو عدم الاغتسال.

ومن ذلك قول أبي المواهب عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الصوفي صاحب "طبقات الصوفية" في حديثه عن بعض شيوخ الصوفية المخالفين لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وما كانوا يلزمون به أنفسهم من مجاهدات مرفوضة شرعًا


(١) "مدارج السالكين" (١/ ١٥٢).

<<  <   >  >>