عندما ندخل في علم أو تدريس فن من العلوم، لا بد أن نعرف أهدافه، فلا يجوز أن تُعلم إنسانًا شيئًا إلا إذا عرفته الثمرات المستفادة منه.
[الثمرة الأولى]
أن يعرف المرء غاية الوجود الإنساني، أن يكون ذا خلق، وهذا مراد الله سبحانه من الإنسان المسلم، أن يكون ذا خلق كامل زكي النفس، فالله سبحانه ما أنزل كتابه وتشريعه إلا لتربيتنا وتعليمنا وإيصالنا إلى مرتبة عالية من الأخلاق.
وهذا يدل على أن الفلاحَ إنما هو تزكية النفس، وجميع الأعمال الصالحة من صلاةِ وغيرها إنَّما هي لزكاة النفس وتطهيرها، حتى قضايا التوحيد كلها خلقية، فالاعتراف بأن اللهَ إلهٌ واحدٌ هذا من الخلق الرفيع، وهو الاعتراف بفضل الله سبحانه، ورد الجميل له بالشكر.
وكذلك العبادةُ قضيةٌ خلقية، فإذا نظرنا إلى المعاملات أيضاً، نجد أنها قضايا خلقية، فمثلًا عدم الغش في البيع، وهو موقف خلقي، والقرض، ومثله الضمان، والحَوَالَةِ، والصُّلح، والإجارة، والوديعة، وغيرها من المعاملات، فالدينُ كله مواقف خلقية في الأساس، ولذلك كان غاية الدين التزكية، وتَعلم العلم غايتهُ العمل الصالح والأخلاق الرفيعة، والهدف من