للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جوهر مجرد عن المادة يتعلق بالبدن تعلق التدبير والتصرف، وقيل: محله الدماغ في الرأس، وقيل: محله القلب.

والتحقيق أن العقل له تعلق فيهما معًا، حيث يكون الفكر والنظر في الدماغ، ومبدأ الإرادة والقصد في القلب؛ ولهذا يمكن أن يقال: "القلب موطن الهداية، والدماغ موطن الفكر" (١).

* نعمة العقل:

والعقلُ نِعْمَة عظيمةٌ من أَجَلِّ النِّعم، ومن خِلالِه يستطيعُ المَرْء أن يدْرِكَ مَا حَوْلَهُ، وما الذي ينبغي عليه أن يأتيه أو يَجتنبُه، وبه يَعرفُ المرء نفسه، ويعرف ربه، وُيبصرُ طريقه ويبني علاقات وطِيدَة، ويَعْقد صِلات حميمة مع من حَولَهُ، والعاقل من اتَّعظَ بِغَيِره، والأَحْمَق أَو الجَاهِل من اتَّعظَ به غيره، والعاقل من يكون حاضر العقل والقلب، فلا طيش ولا ضلال.

والآيات القُرآنية في بيان نِعْمَة من يستخدمون عقولهم ويستدلون بها على الحق كثيرة، ومنها قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: ٤].

وقوله سبحانه: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الروم: ٢٨].

وقوله تعالى: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ (٤٣)} [العنكبوت: ٤٣].

وأفاض المولى سبحانه في مدح من انتفع بعقله بالمواعظ والعبر


(١) ينظر "التعريفات" للجرجاني (١٩٦)، و"مجموع الفتاوى" (٣٠٣)، و"المختصر الحثيث" (٧٢)، و"منهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد" (١/ ١٦٣).

<<  <   >  >>