لا سيما إذا عثر على زلةٍ، أو ظفرَ بخطأٍ، فيُبادر بعضُ الطلاب إلى الإنكار والاعتراض والنقد، وربما المراء، والعالم ليس معصومًا؛ ولكن الآفة إثبات الذوات، وتصيد الأخطاء، والتشنيع ونشرها في الآفاق.
وإياك إذا حضرت مجلس علم أن تكون مستغنيًا بما عندك طالبًا عثرة تشنعها، فهذه أفعال الأراذل الذين لا يفلحون في العلم أبدًا، وهذا كله في حق العلماء المقتدى بهم في الدين، فأما أهل البدع والضلالة، ومن تشبه بالعلماء، وليس منهم، فيجوز بيان جهلهم وإظهار عيوبهم تحذيرًا من الاقتداء بهم.
وأما أئمة الهدى، فإنه يجب أن يعاملوا بالإكرام والاحترام والتثبت والتصويب بما يليق معهم من النصيحة العامة، وفي الوقت المناسب بما يحقق ثمرة النصيحة.
قال العلامة ابن العربي: وصلت الفسطاط مرة، فجئت مجلس الشيخ أبي الفضل الجواهري، وحضرت كلامه على الناس، فكان مما قال في أول مجلس جلست إليه: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - (طلق وظاهر وآلى) فلما خرج تبعته حتى بلغت معه إلى منزله في جماعة، فلما انفض عنه أكثرهم، قال لي: أراك غريبًا هل لك من كلام؟ قلت: نعم. قال لجلسائه: افرجوا له عن كلامه،