للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

* ذم الصحابة للعجلة في القراءة:

تأمل إنكار عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - علي نَهِيكُ بن سنان حين وصف سرعته في القراءة فقد جاء في الصحيحين عن شَقِيق قال: "جَاءَ رَجُلٌ من بَنِي بَجِيلَةَ يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بنُ سِنَانٍ إِلَى عَبدِ اللهِ فَقَالَ: "إِني أَقرَأُ المُفَضَّلَ فِي رَكعَةٍ! فَقَالَ عَبدُ اللهِ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعرِ لَقَد عَلِمتُ النَّظَائِرَ التِي كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرَأُ بِهِنَّ سُورَتَينِ فِي رَكعَةٍ".

وفي رواية عن أَبِي وائلِ قال: جَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بنُ سِنَانِ إِلَى عَبدِ اللهِ، فقال: يَا أَبَا عَبدِ الرحمنِ، كَيفَ تَقرَأُ هَذَا الحَرفَ أَلِفًا تَجِدهُ أَم يَاءً (من مَاءٍ غَيرِءَاسِنٍ) أَو (من ماء غير ياسن)؟ قال: فقال عَبدُ اللهِ: وَكُلَّ القُرآنِ قَد أَحصَيتَ غَيرَ هَذَا؟ قال: إِنِّي لأقرَأُ المُفَصَّلَ فِي رَكعَةٍ. فقال عَبدُ اللهِ: هَذا كَهَذِّ الشِّعرِ؟ إِن أَقوَامًا يَقرَءُونَ القُرآنَ لا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُم، وَلَكِن إِذَا وَقَعَ فِي القَلبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ، إِن أَفضَلَ الصَّلاةِ الركُوعُ وَالسجُودُ، إِني لأعلَمُ النظَائِرَ التِي كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقرُنُ بَينَهُنَّ سُورَتَينِ فِي كُلِّ رَكعَةٍ" (١).

الهذُّ: سرعة القراءة المذمومة، من غير فهم للمعاني.

قال النووي -رحمه الله-:

"معناه أن الرجل أخبره بكثرة حفظه وإتقانه، فقال ابن مسعود: فتهذُّه هذًّا، وهو بتشديد الذال، وهو شدة الاسراع والإفراط في العجلة، ففيه النهي عن الهذ، والحث على الترتيل والتدبر، وبه قال جمهور العلماء.


(١) أخرجه مسلم (٧٢٢) في كتاب صلاة المسافرين، باب ترتيل القراءة.

<<  <   >  >>