للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس الواصل بالمكافِئ

من المفاهيم الخاطئة عند كثير من الناس قولهم: نحن نزور من يزورنا، ونقطع من يقطعنا، ولسان حالهم كحال الشاعر وهو يتمثل هذه الصفة الذميمة بقوله:

ولستُ بهيابٍ لمن لا يهابني ... ولستُ أرى للمرءِ ما لا يرى ليا

فإن تَدنُ مني تدن منك مودتي ... وإن تنأَ عنى تلقني عنك نائيا

قلت: وليس هذا فحسب، بل تعدى ذلك إلى المخاصمة والتهاجر والتدابر، وهذا المفهوم -بلا شك- مخالف للنصوص الشرعية الداعية للتواصل، وعدم التقاطع والتنافر، ولهذا يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها" (١).

وهذا الحديث ينفي المكافأة في الصلة، ولكن يقرر أن أصل الصلة أن تصل من قطعك، ولا تقتصر بصلة من وصلك، فالناس درجات:

١ - واصل. ٢ - مكافئ. ٣ - قاطع.

وخيرهم الواصل؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "صل من قطعك، وأحسن إلى من أساء إليك، وقل الحق ولو على نفسك" (٢).

وجاء في الحديث أن رجلًا قال: يا رسولَ اللهِ، إنَّ لي قرابةً أَصِلُهُم


(١) أخرجه أحمد (٢/ ١٦٣)، والبخاري (١٠/ ٤٢٣) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
(٢) صحيح. أخرجه أبو عمرو بن السماك في حديثه، وصححه الألباني في "الصحيحة" (١٩١١) عن علي - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>