للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على مشقة الطاعة، ولا صبر له على داعي هواه إلى ارتكاب ما نُهِيَ عنه، ومنهم من تكون قوة صبره عن المخالفات أقوى من صبره على مشقة الطاعات، ومنهم من لا صبر له على هذا ولا ذاك، وأفضل الناس أصبرهم على النوعين، فكثير من الناس يصبر على مكابدة قيام الليل في الحر والبرد وعلى مشقة الصيام، ولا يصبر على نظرة محرمة" (١).

وعلى هذا يمكن للعبد أن يلاحظ الأعمال التي تشق على نفسه، فيجعلها عقوبة له يؤدب بها تلك النفس إذا وقعت في معصية، أو فرطت في طاعة.

فإذا ضيع صلاة الفجر بسبب مشقة الاستيقاظ، وترك لذيذ المنام، فليقم بإحياء ساعات من إحدى الليالي، يهجر فيها مضجعه، وإن قصر في حق غيره بخلًا بالمال، فليتصدق ليلزم نفسه بالإقلاع عن تلك الآفة.

فالتشديد على النفس ومنعها مما تحب لفترة محدودة ترويض لها، وتليين لطبعها، وعلاج لأمراضها، وهو بمنزلة الدواء الذي يشربه المريض وهو كارهٌ له، رجاء أن يكون سبباً في الشفاء بإذن الله تعالى.

[٥ - التفكر في الآثار المترتبة على حسن الخلق]

التفكر: "تصرف القلب في معاني الأشياء لِدَرْك المطلوب، وسراج القلب، يرى به خيره وشره، ومنافعة ومضاره، وكل قلب لا تفكرَ فيه فهو في ظُلمات يتخبط".

وقيل: هو إحضار ما في القلب من معرفة الأشياء (٢).


(١) "عدة الصابرين" (٢٦).
(٢) "التعريفات" (٨٨) للجرجاني.

<<  <   >  >>