للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ (٦٧)} [الزخرف: ٦٧]. ندمت على كل صحبة ورفقة، وإذا قرأت {إِلَّا الْمُتَّقِينَ} فرحت أنَّ لي أخوة أحبهم في الله.

من كمال الشريعة الإسلامية حث العباد على توثيق الصلات، وجمع الشمل بدعوة العباد إلى الحب في الله إذا اتصفوا بمكارم الأخلاق، فيكون الحب لهم لله لا لذة ولا منفعة، كما ندب الإسلام المسلم إذا أحب فلانًا أن يقول له: إني أحبك في الله حتى يستميل قلبه ويستجلب وُدَّهُ.

قال المناوي -رحمه الله-:

"قوله: (فليخبره أنه يحبه) بأن يقول إنِّي أحبك لله أي لا لغيره من إحسان أو غيره، فإنه أبقى للألفة وأثبت للمودة، وبه يتزايد الحب ويتضاعف وتجتمع الكلمة، وينتظم الشمل بين المسلمين وتزول المفاسد والضغائن وهذا من محاسن الشريعة" (١).

(تنبيه) نبه الشيخ المناوي في "فيض القدير" أن ظاهر الحديث لا يتناول النساء فإن اللفظ (أحد) بمعنى واحد وإذا أريد المؤنث إنما يقال إحدى لكنه يشمل الإناث على التغليب وهو مجاز معروف مألوف وإنما خص الرجال لوقوع الخطاب لهم غالبًا، وحينئذٍ إذا أحبت المرأة أخرى لله ندب إعلامها.

قال سفيان بن عيينة -رحمه الله-: "من أحب رجلًا صالحًا فإنما يحب الله تبارك وتعالى" (٢).

كل صحبة لا تقوم على الحب في الله فإنها لا تقوى، ومما يوثق الحب


(١) "فيض القدير" (١/ ٢٤٧).
(٢) "روضة العقلاء" (١٠٠) لابن حبان.

<<  <   >  >>