فمن أَسباب ذلك: الولايَة: التي تُحدثُ في الأخلاقِ تغيُّرًا، وعلى الخُلَطَاءِ تَنَكُّرًا، إما من لُؤمِ طَبعٍ، وإما من ضيقِ صَدرٍ.
ومنها: العزلُ؛ فقد يسوءُ به الخُلُقُ، ويضيقُ به الصدرُ؛ إما لشدّة أَسفٍ أَو لقلةِ صبرٍ.
ومنها: الغنى؛ فقد تتغَيَّرُ به أَخلاقُ اللَّئيمِ بطَرًا، وتسُوءُ طرائقُهُ أَشرًا.
ومنها: الفقرُ؛ فقد يتغَيرُ به الخُلُقُ إما أَنفةَ من ذُلِّ الاستكانة أَو أَسفاً على فائتِ الغنى.
ومنها: الهُمُومُ التي تُذهلُ اللُّبَّ، وتشغلُ القلب، فلا تتبعُ الاحتمالَ، ولا تقوى على صَبرٍ، وقد قيل: الهَمُّ كَالسُّمِّ.
ومنها: الأمراضُ الَّتي يتغَيرُ بها الطَّبعُ ما يتغيرُ بها الجسمُ، فلا تبقى الأخلاقُ على اعتدالٍ، ولا يقدرُ معها على احتمالِ.
ومنها عُلُوُّ السنِّ وحدوثُ الهرمِ لتأثيره في آلَةِ الجسدِ، كذلك يَكُونُ تأثيرهُ فِي أَخلاقِ النَّفسِ، فكما يضعفُ الجسدُ عن احتمالِ ما كان يُطيقهُ من أَثقالِ، فكذلكَ تعجزُ النَّفسُ عن أَثقالِ ما كانت تَصبِرُ عليهِ من مُخالفةِ الوفاقِ، ومضيق الشّقَاق.