والفساد داخل عليها، وليس منها، والعقل مساعد، والهوى معتدٍ، وكل واحد منهما جاذب للنفس، وهي تنقاد إلى ما وافقها، فإن توفرت فضائلها انقادت للعقل في صلاح الأخلاق، وإن زادت رذائلها اتبعت الهوى في فساد الأخلاق؛ لأن العقل علم روحاني يقود إلى الخير، والشهوة خلق بهيمي يقود إلى الشر، فأطلق عنان النفس إذا انقادت للعقل، واقبضه إذا اتبعت الهوى، تجدها على الصلاح مساعدة، وللفساد معاندة، فحسبك بها للعقل عونًا وظهيرًا.
قال الرشيد:"قبح الله المرء لا واعظ له من عقله، ولا مطيع له من نفسه"(١).
قلت:
أخي -يحفظك الله تعالى- هذه الأحوال الستة المذكورة، والعاقل اللبيب من كان دائمًا على الحالة الأولى، فإن حاد عنها، رجع إلى ربه وتاب وأناب، وعاد إلى عقله ورشده، نسأل الله السلامة، والله الهادي إلى الصواب.
...
(١) ينظر كتاب "تسهيل النظر وتعجيل الظفر" للماوردي (٩). (بتصرف).