إنَّ الحمدَ لله، نحمده ونَستعينُه ونَستغفرُه، ونعوذُ بالله من شُرورِ أنفُسِنا، ومن سَيئاتِ أعمالِنا، من يهدهِ الله فلا مُضلَّ لهُ، ومن يُضلل فلا هادي لَهُ.
وأشهدُ أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد:
فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنّما بُعثتُ لأتمِّم صالحَ الأخلاق". وفي رواية:"مكارم"(١).
وفعلًا تمّت بإذْن الله تعالى، إذْ رَبَّى جِيلًا فاق الأمم في كل مجال، وغيَّر ملامح التاريخ، وجعلَ ذلك التاريخ يستدير ليُسطر آيات الحق ومسيرة النور الذى بدَّد الظلام والظلمات، وجاء فَيَّاضاً بِالخَيْرِ صَداعاً بالحقِّ طافِحاً بالخُلُقِ الكريم، وقد أتى منَاسِباً لكل أمَّة، مجتازاً حدود الزَّمان والمكان؛ ليكون حلاًّ لكل ظرف ولأيِّ ظرفٍ مهما كان، وأيًّا كان، وقد سعَدت أُمَّتنا بهذا النُّور العظيم الذي منحها الهوية والكرامة.
وإنَّ الناظر في هذا الدِّين العظيم ليَعرفُ حقَّ المعرفة أنَّه وُجِدَ للبشرية
(١) صحيح. أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" (٢٧٣)، وأحمد (٢/ ٣٨١)، وغيرهما عن أبي هريرة، وصححه الألباني في "الصحيحة" (٤٥).