جَمْعَاء، ولا حياة كريمة لها بدونه، ونستَغْرب كيف يَحْيا الآخَرُون الذين حَرَمُوا أنفسهم الهدايةَ تَعَصُّبًا وضَلالًا وجَهْلًا؟! ولكن الجواب يَأتينا سَريعاً من كتاب الله الكريم: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (٤٦)} [فصلت: ٤٦].
ومن أهم ما يُمَيّز الإنسان المسلم صورة تعَامُله مع الله سبحانه، ومع إخْوانهِ في الدين، ومع غيرهم، فإن أحسن، أرضى ربَّه ورضي عن نفسه، وأعطى صورة رائعة للآخرين عن هذا الدين، وعن معتقديه، فكأنه دعا بلسان الحال وليس بلسان المقال إلى دينه دعوة أبلغ وأوصل إلى القلب والعقل معاً.
وقد بدا انعكاس الصور السلوكية الرائعة في تأثيرها في انتشار هذا الدين في بعض المناطق التي لم يصلها الفتح الإسلامي؛ إذ دخل في هذا الدين الحنيف شعوب بكاملها لمَّا رأوا القدوة الحسنة مرتسمة خُلُقاً حميداً يُنيرُ طريقهُ لنفسه بِمصبَاحه، فيرى الآخرون ذلك النور، ويرون به، وبناء على ذلك الإقبال سريعاً دون دافع سوى القدوة الحسنة، فَرُب صفة واحدة مما يأْمر به الدين تُتَرجَمُ حية على يد مسلم صالحٍ، يكون لها أثرٌ لا يمكن مقارنته بنتائج الوعظ المباشرة؛ لأن النفوس قد تَنْفَر من الكلام الذي تَتَصوَّر أن للناطق بهِ مصْلَحة، وأحسن تلك الصفات التَّمسك بِالأخلاق الحميدة التي هي أول ما يُرى من الإنسان المسلم، ومن خِلالِها يُحْكَمُ له أوْ عَلَيه من الله، ثم مِن قِبَلِ النَّاس.
ونظراً؛ لما لهذا الأمر من أهمية، وحرصاً مني على الإسهام في التأكيد