والخلاصة: أنه يجوز الانتفاع بما عند الكافر من علوم غير أنه لا يجوز استعمال الكافر في شيء من ولايات المسلمين، أو السلطة حتى لا تتم هيمنتهم على المسلمين، كما روى البيهقي في السنن عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قلت: لعمر - رضي الله عنه -: إن لي كاتبًا نصرانيًا، قال: ما لكَ؟ قاتلك الله، أما سمعتَ الله يقول:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}[المائدة: ٥١].
ألا اتَّخذت حنيفًا؟ قال: قلت: يا أمير المؤمنين، لي كتابته وله دينه، قال: لا أكرمهم إذ أهانهم الله، ولا أُعزُّهم إذ أذلَّهم الله، ولا أُدنيهم إذ أقصاهم الله (١).
٧ - الاستعانة بالمشرك المأمون عند الحاجة:
يجوز للمسلم أن يستعين بالمشرك المأمون في أمور كثيرة عن طريق الاستئجار، أو التوكيل وغير ذلك، أما في الجهاد فيقول الإمام الشافِعِيّ -رحمه الله تعالى-: الذي روى مَالِكٌ رَدَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مُشرِكًا أَو مُشرِكِينَ في غزَاةِ بَدرٍ، وَأَبَى أن يَستعِينَ إلا بمسلِمٍ، ثم استعانَ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بَعدَ بَدرٍ بِسَنَتَينِ فِي غزَاةٍ خَيبَرَ بِعَدَدٍ من يَهُودِ بَنِي قينُقَاعِ كانُوا أَشداءَ، واستَعَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في غُزاة حُنَينٍ سنة ثمانِ بِصَفوَانَ بن أُمَيةَ وهو مُشركٌ، فَالردُّ الأوَّلُ إن كَان؛ لأن لهُ الخِيَار أن يَستعِينَ بِمُسلِمٍ أَو يَرُدَّهُ، كما يَكُونُ لَهُ رَدٌّ المُسلم من مَعنَى يَخَافُهُ مِنهُ، أَو لِشِدَّةٍ به، فليسَ واحدٌ من الحدِيثَينِ مُخَالِفًا
(١) حسن. أخرجه ابن أبي شيبة (٦/ ١٥٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٩/ ٢٠٤ - ١٠/ ١٢٧)، وفي "الشُّعب" (٩٣٨٤)، رصححه شيخ الإسلام في "اقتضاء الصراط المستقيم" (٨٤).