للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإذلالِ" اهـ (١).

أما تأجير المرء نفسه عند الكافر فيكون بشروط:

١ - أن يكون العمل حلالًا.

٢ - ألا يعينه على ما يعود ضرره على المسلمين.

٣ - عدم التعظيم لدينهم، أو مهانة المسلم وإذلاله.

عن عليٍّ - رضي الله عنه - قال: جُعْتُ يَومًا مَرَّةً جُوعًا شَدِيدًا، فَخَرَجتُ لِطَلَبِ العَمَلِ فِي عَوَالِي المَدِينَةِ، فَإِذَا أَنَا بِامرَأَةٍ قَد جَمَعَت مَدَرًا فَظَنَنتُهَا تُرِيدُ بَلَّهُ، فَقَاطعتُهَا كُل ذَنُوبِ عَلَى تَمْرَةٍ، فَمَدَدتُ ستةَ عَشَرَ ذَنُوبًا حتى مَجَلَت يَدَايَ، ثم أَتَيتُهَا، فَعَدت لِي سِتَّ عَشرَةَ تَمرَةً، فَأتَيتُ النبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَأخبَرتُهُ، فَأكَلَ مَعِي مِنهَا.

قال الشوكاني:

"حديثُ عَلِيّ جَوَّدَ الحافظُ إسنادهُ، وأَخرجهُ ابنُ ماجة بسندٍ صححهُ ابن السكن، وأَخرج البيهقِي وابن ماجه من حديث ابن عَبَّاسٍ بلفظ "إن عَليًا - رضي الله عنه - آجَرَ نَفسَهُ من يَهُودِي يَسقِي لَهُ كُل دَلوٍ بِتَمرَةٍ، وَعِندَهُم أَنَّ عَدَدَ التمرِ سَبعَةَ عَشَرَ" وفِي إسنَادهِ حَنَشٌ راويهِ عن عكرمةَ وهو ضعيف.

وَحَدِيثُ عَلِيٍّ - رضي الله عنه - فِيهِ بَيَانُ مَا كَانَتْ الصحَابَةُ عَلَيهِ من الحَاجَةِ وشِدةِ الفَاقَةِ، وَالصبرِ عَلَى الجُوعِ، وَبَذلِ الأنفُسِ وإتعَابِهَا فِي تحصِيلِ القِوَامِ من العيشِ لِلتعَفُّفِ عَن السؤَالِ وَتَحَملِ المِنَنِ، وأَن تَأجِيرَ النفسِ لا يُعَد دَنَاءَةً، وإن كَانَ المستأجِرُ غَيرَ شَرِيفٍ أَو كَافِرًا، والأجِيرُ من أَشرَافِ الناسِ وَعُظَمَائِهِم".


(١) "نيل الأوطار" (٦/ ١٩) كتاب الإجارة، باب: ما يجوز الاستئجار عليه من النفع المباح.

<<  <   >  >>