للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطب والكيمياء والفيزياء والصناعة والزراعة، والأعمال الإدارية.

وأدلة الانتفاع بعلم الكفار كثيرة، عن عائشة أُم المُؤمنين - رضي الله عنها - قَالَتْ: استَأْجَرَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكرٍ رَجُلًا من بَنِي الدَّيلِ هَادِيًا خِرِّيتًا (أي ماهرًا بالطريق)، وَهُوَ عَلَى دِينِ كُفارِ قُرَيشٍ، وَدَفَعَا إلَيهِ رَاحِلَتَيهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَورٍ بَعدَ ثَلاثِ لَيَالٍ (١).

وكذلك مزارعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لليهود من خيبر على أن يعملوا ويزرعوها، ولهم شطر ما يخرج منها.

قال ابن عمر: أَعْطَى النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - خَيبَرَ بِالشطرِ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى عَهدِ النبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبِي بَكرٍ وَصدرٍ من خِلافَةِ عُمَرَ، وَلَم يَذكُر أَن أَبَا بَكرٍ وَعُمَرَ جَدَّدَا الإجَارَةَ بَعدمَا قُبِضَ النبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - (٢).

قال الشوكاني: "الحديث فِيه دَليلٌ على جوازِ استِئجَارِ المُسلم للكَافر علَى هداية الطَّريقِ، إذا أَمن إليه، وقد ذكر البُخاريُّ هذا الحديث في كتاب الإجارة، وترجم عليه: بابُ استئجارِ المشركينَ عند الضرُورة وإِذا لم يُوجد أَهلُ الإسلام، فكأنهُ أَراد الجمع بين هذا وبين قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَنا لا أَستعِينُ بمشركٍ" أَخرجه مسلم وأصحابُ السنن، قال ابنُ بطَّال: الفقهاءُ يُجيزُونَ استئجارَهُم -يعني: المُشركين- عند الضرُورة وغيرها؛ لما فِي ذلك من الذِّلةِ لهم، وإنما المُمتنعُ أَن يُؤجَّر المُسلمُ نَفسهُ من المُشرك لما فيه من


(١) الرجل هو عبد الله بن أريقط، والحديث أخرجه البخاري (٢٢٦٤ - الفتح).
(٢) أخرجه البخاري (٢٢٨٥ - الفتح) في كتاب الإجارة، باب: إذا استأجر أرضًا فمات أحدهما.

<<  <   >  >>