للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[والحالة الرابعة]

أن تكون كل أحواله فاسدة في كل الأحوال، فتنقلب إلى الصلاح في كل الأحوال، فما ذاك إلا لداع غلب على الطبع، فاجتذبه، وقوي عليه حتى قلبه، فيراعي حفظ أسبابه، وتقوية مواده، ولا يغفله؛ فيجذبه الطبع السابق كما اجتذبه، فإن نوازع الطباع أجذب، وهي إلى ما ناسبها أقرب، وقليل الفساد صلح أن يكون محفوظ الصلاح.

قال بعض الحكماء: "كل متأدب من غيره متى لم يدم عليه الأدب، اختل ما يستفيد منه، ورجع إلى طبعه".

وملاك صلاحها أن تكاثر من وافقه في الصلاح، وتجانب من خالفه فيه، فإن للصحبهَ تأثيرًا في اكتساب الأخلاق.

قال بعضُ البُلَغاءُ: صلاح الشيم بمعاشرة الكرام، وفسادها بمخالطة اللئام.

[والحالة الخامسة]

أن تكون أخلاقه صالحة في كل الأحوال، وبعضها فاسدة، فقد أعطته نفسه من صلاحها شطرًا، ومنحته من فسادها شطرًا، وهما متنافران، وفيما أعطت عون على ما منعت إن روعيت، وفيما منعت فساد لما أعطت إن أهملت.

[والحالة السادسة]

أن تكون كل أخلاقه صالحة في بعض الأوقات، وبعضها فاسدة في بعض الأوقات الأخرى، فقد ترددت النفس بينهما، وتواطأت لهما،

<<  <   >  >>