المتأصلة في النفس مع المبادرة إلى الأعمال الصالحة، أشبه بالتدريب الرياضي، والعادة -سواء كانت حسنة أو سيئة- فإنها تتكون في النفس، وتتعمق فيها مرة بعد مرة، ويعاني الإنسان في بدء الأمر من الاستمرار فيها، إذا لم تكن موافقة لحظوظ النفس، ولكنه مع التكرار والتدرج يألفها ويتعود عليها.
فالعاقل من يجعل طريقة هجر العادات السيئة، والإقلاع عنها مماثلة لطريقة تكوينها.
فإذا أراد العبد أن يستأصل عادة سيئة، ويزرع مكانها عادة حسنة، وخُلُقًا فاضلًا، فلا بد له أولًا من: تقوية الهدف الباعث، ثم العزم والتصميم، والثقة بالنفس، وعدم التردد حتى يصل إلى الهدف الصحيح، ويصبح ذلك ملكة وطبعًا مألوفًا.
قال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله:"المزاولاتُ تعطي الملكات، ومعنى هذا أن من زاول شيئًا واعتاده، وتمرن عليه، صار ملكة وسجية وطبيعة، كما أنه لا يزال يتكلف الحلم والوقار والسكينة والثبات، حتى تصير له أخلاقًا بمنزلة الطبائع .. فنقل الطبائع عن مقتضياتها غير مستحيل، غير أن هذا الانتقال قد يكون ضعيفًا، فيعود العبد إلى طبعه بأدنى باعث"(١).
قلت: هذا خاص في تغيير الطباع المستقبحة، وليست حجة لمن زاول المحرمات والكبائر، فإن الاقلاع عنها واجب كالزنا والسرقة والظلم