إن كَسَبَ النَّاسُ من الدنيا الكثيرَ بلا فقهِ ولا بصيرةِ، كسبَ هوَ القليلَ بفقهٍ وعلمٍ، إن لبسَ الناسُ اللِّينَ الفاخرَ، لبسَ هو من الحلال ما يسترُ عورتهُ، إن وُسِّعَ عليه وسَّعَ، وإن أُمسِكَ عليه أَمسَكَ، يقنعُ بالقليلِ فيكفيه، ويحذرُ على نفسهِ من الدنيا ما يطغيهِ.
ويُلزمُ نفسهُ برَّ والدَيهُ، فيخفضُ لهما جناحهُ، ويخفضُ لصوتهما صوتَهُ، ويبذلُ لهما مالهُ، وينظرُ إليهما بعينِ الوقارِ والرحمة، يدعو لهما بالبقاءِ، ويشكرُ لهما عند الكبر، لا يضجرُ بهما، ولا يحقرهما، إن استعانا به على طاعةِ أعانهما، وإن استعانا به على معصيةِ، لم يعنهما عليها، ورفق بهما في معصيتة إياهما، يُحسنُ الأدبَ ليرجعا عن قبيحِ ما أرادا، ممَّا لا يحسنُ بهما فعلُهُ، يصلُ الرحم، ويكرهُ القطيعةَ، لمن قطعهُ، من عصى الله فيه، أطاع الله فيه.
يصحبُ المؤمنين بعلمٍ، ويجالسُهُم بعلمٍ، مَن صحبهُ نَفَعَهُ، حسنُ المجالسةِ لمنِ جالسَ، إن علم غيرهُ رفقَ به، لا يُعَنفُ من أخطأ ولا يُخجلُهُ، رفيق في أُمُورهِ، صبورٌ على تعليم الخير، يأنسُ به المتعلمُ، ويفرحُ به المجالسُ، مُجالستهُ تُفيدُ خيرًا، مُؤدِّبٌ لمن جالسهُ بأدبِ القرآنِ والسُّنَّةِ.
إن أصيبَ بمصيبةِ، فالقرآنُ والسنةُ له مؤدبانِ، يحزنُ بعلمٍ، ويبكي بعلمٍ، ويصبرُ بعلمٍ، ويتطهرُ بعلمٍ، ويصلي بعلمٍ، ويزكي بعلمٍ،