كان في جميع أحواله حركة وسلوكًا قلبًا وقالبًا يمثل القرآن الكريم، فكان خلقه القرآن، ومن كان خلقه القرآن كان على خلق عظيم.
فطوبى للمؤمنين الذين يستظلون بظل القرآن الكريم، وينتهجون نهج رسول الله عليه الصلاة والسلام، وطوبى لمن يلتمسون في رحابهما أمثلةً يحتذونها، ودروسًا يعملون بها، وهديًا يسيرون في ركابه، ونورًا يهتدون به في ظلمات الدنيا من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلال.
فلنأخذ بلطائف خلقه، وثمار غرسه، ومواقف جهاده، وأدبه الذي أنعم الله عليه حين قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (٤)} [القلم: ٤].
وتأمل -وفقك الله للأدب- أدب الصديق - رضي الله عنه - مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلاة، وقارن به سلوك الناس اليوم، وإِدعاء المحبة والمتابعة له.
عن سَهلِ بنِ سعدٍ الساعِدي أَن رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ذهبَ إلى بني عمرِو بنِ عوفٍ ليُصلحَ بينهم، فحانتِ الصلاةُ، فجاء المؤذِّنُ إِلى أبي بكرٍ فقال: أَتُصلِّي للناسِ فأقيم؟ قال: نعم. فصلَّى أَبو بكرٍ، فجاءَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - والناسُ في الصلاةِ، فَتَخَلصَ حتَّى وقفَ في الصف، فصفقَ الناسُ، وكان أبو بكرٍ لا يَلْتفتُ في صلاتهِ. فلما أكثرَ الناسُ التصفيقَ التفتَ فرأَى رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فأَشارَ إليه رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أَنِ امكُثْ مَكانَكَ، فرفعَ أَبو بكرِ - رضي الله عنه - يدَيهِ فحمِدَ اللهَ عَلَى ماْ أَمَرَهُ به رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِن ذلكَ ثم استأخَر أبو بكرٍ حتى