للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥].

وقال -عز وجل-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} [الحجرات: ١].

وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [الحشر: ٧].

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد تركتُ فيكم شيئين لن تضلوا بعدهُما: كتابَ الله، وسُنتي، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض" (١).

قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:

"رأس الأدب معه كمال التسليم له، والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول، والتصديق، دون معارضة خيال باطل يسميه معقولًا، أو يحمله شبهة أو شكاً، أو يقدم عليه آراء الرجال وزبالات أذهانهم، فيوحده بالتحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وَحَّد المرسِل -سبحانه وتعالى- بالعبادة والخضوع والذل، والإنابة والتوكل .. ، ولقد خاطبت يوماً بعض أكابر هؤلاء، فقلت له: سألتك بالله لو قُدر أن الرسول حي بين أظهرنا، قد واجهنا بكلامه وبخطابه: أكان فرضاً علينا أن نتبعه من غير أن نعرضه على رأي غيره وكلامه ومذهبه، أم لا نتبعه حتى نعرض ما سمعناه منه على آراء الناس وعقولهم؟ فقال: بل كان الفرض المبادرة إلى الامتثال من غير التفات إلى سواه. فقلت: فما الذي نسخ هذا الفرض عنا؟ وبأيِّ شيء نُسخ؟ فوضع


(١) "صحيح". أخرجه الحاكم (١/ ٩٣)، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (٢٩٣٧).

<<  <   >  >>