للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عثراتهم إلا الحدود" (١).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ومما يتعلق بهذا الباب أن يعلم أنَّ الرجل العظيم في العلم والدين من الصحابة والتابعين، ومن بعدهم إلى يوم القيامة: أهل البيت وغيرهم، قد يحصل منه نوع من الاجتهاد مقرونًا بالظن، ونوع من الهوى الخفي، فيحصل بسبب ذلك ما لا ينبغي اتباعه فيه، وإن كان من أولياء الله المتقين.

ومثل هذا إذا وقع يصير فتنة لطائفتين:

طائفة تعظمه فتريد تصويب ذلك الفعل واتباعه عليه، وطائفة تذمه فتجعل ذلك قادحًا في ولايته وتقواه، بل في بره وكونه من أهل الجنة، بل في إيمانه حتى تخرجه عن الإيمان، وكلا هذين الطرفين فاسد، ثم قال: ومن سلك طريق الاعتدال عظَّم من يستحق التعظيم وأحبه ووالاه، وأعطى الحق حقه، فيعظم الحق، ويرحم الخلق، ويعلم أن الرجل الواحد تكون له حسنات وسيئات، فيحمد ويذم ويثاب ويعاقب، فيحب من وجه، ويبغض من وجه، هذا هو مذهب أهل السنة والجماعة، خلافًا للخوارج والمعتزلة ومن وافقهم" (٢).

وعلى هذا ينبغي أن يعلم أن عدم متابعة العالم على زلته لا يعني عدم توقيره، بل الحق أحق أن يتبع، فطاعة العلماء عندنا واعتبار العلماء في شرعنا ليس مقصودًا لذاته، بل لما قام فيهم من العلم بالله والعلم عن الله -عز وجل-، وإلا


(١) صحيح. أخرجه أحمد، وأبو داود، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" (١١٨٥).
(٢) "منهاج السنة" (٤/ ٥٤٣، ٥٤٤)، ينظر كتاب "قواعد في التعامل مع العلماء" (١٤٢).

<<  <   >  >>