للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت:

فالأخ إذن يكفي في حقه الكلام والسؤال عن حاله وصحته؛ ولهذا يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بُلُّوا أرحامكم ولو بالسلام" (١). وأما العم فلا يعتبر واصلًا له إلا إذا أعطاه من ماله إن كان قادراً.

أما البر والإحسان للأقارب فيكون بما تيسر، ومما يدل أيضاً على أن الصلة واجبة قول أبي سفيان لهرقل عندما سأله: فماذا يأمركم -يعني النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: "يقول: "اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤُكم، ويأمُرُنا بالصلاة والصدقِ والعفافِ والصِّلة" (٢).

وفي هذا الحديث دليل على أنَّ الصلة واجبة، وقد قُرنت بالصلاة والصدق والعفاف، ومما يزيد في بيان وجوبها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الرحم شُجنَةٌ من الرَّحمنِ، فقال اللهُ: مَن وَصَلَكِ وَصلتُهُ، ومن قَطَعَكِ قَطَعتُه" (٣).

قوله: "شُجنةٌ من الرحمن" أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق، ومنه قولهم: شجرٌ متشجِّن، إذا التف بعضه ببعض.

وأكَّد عليها - صلى الله عليه وسلم - في قوله: "أرحامَكم أرحامكم" (٤).

والأرحام الذين تجب صلتهم: كل من يجمع بينك وبينه نسب من جهة


(١) حسن. أخرجه البزار، والطبراني عن جمع من الصحابة، وحسنة الألباني في "الصحيحة" بمجموع طرقه (١٧٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (١/ ٣٢)، ومسلم (١٧٧٣) عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه البخاري (١٠/ ٤١٧) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٤) صحيح. رواه ابن حبان (٢٠٣٧ - موارد) عن أنس، وصححه العلامة الألباني في "الصحيحة" (١٠٣٨).

<<  <   >  >>